الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014
صفحات من تاريخ ريف الموصل لبلاوي الحمدوني عرض د.محمد نزار الدباغ
لا يمكن للباحث التصدي لبيان دور أية مدينة بمعزل عن ريفها فكما أن للمدن خواص وعادات وتقاليد فكذلك الحال مع الريف ، وتميز ريف مدينة الموصل بثراء تراثه الشعبي وعاداته الحميدة التي اتصف بها أبناء الريف من كرم الضيافة وحسن استقبال الغريب والذود عن الحمى ونصرة المظلوم من قبل رئيس القبيلة . وجاء كتاب صفحات من تاريخ ريف الموصل للباحث بلاوي فتحي حمودي الحمدوني الصادر عن مركز دراسات الموصل لسنة 2012 وبواقع 206 صفحة ليرسم لنا ويوضح طبيعة مجتمع ريف الموصل باحثاً عن مآثر وأعراف وعادات وتقاليد الحياة الوجدانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الريفي في الموصل . ولأخذ انطباع عن طبيعة هذا الكتاب فقد جاء في التقديم : ((تميزت علاقة مدينة الموصل بأريافها بصفة التكامل على الدوام وعبر كل الحقب التاريخية، من نواحي عدة أولها، متانة الصلات الاقتصادية فيما بينهما، وثانيهما ترابط النسيج الاجتماعي بين عوائلهما ونلحظ ذلك من خلال الزيارات المتبادلة بينهما، فضلاً عن المشاركة في التاريخ الواحد، فإن تاريخ الموصل وحدة متكاملة بمركزه وأريافه المحيطة به. وحينما يذكر الريف والبوادي تذكر الخصال العربية الأصيلة، المبنية على الشجاعة والوفادة والفروسية وإكرام الضيف، وترسيخ العادات العربية المرتكزة على مبادئ الدين الإسلامي والشريعة السمحاء. إن الأحوال الاقتصادية لريف الموصل كما هو الحال في الأرياف العراقية، مقرونة بالزراعة في أراضيها الشاسعة، وتربية المواشي المتعددة الأنواع، ويقع على المرأة العبء الأساس في متابعة الأمور اليومية وتدبير البيت وشؤونه، وريفنا متميز كذلك بمجالسه العامرة بشيوخه ودواوينه المكتنزة بالروايات والقصص والأساطير في أيام السمر والاجتماع اليومي في المساء. الذي يتناول فيه شؤون القرية والعمل على تذليل الصعوبات التي تكتنف العمل في المراعي والأراضي الزراعية، وتأدية الواجبات الاجتماعية وغيرها. إن المتأمل في العادات والتقاليد والأعراف في أريافنا، يكاد لا يجد ثمة فوارق كبيرة. بينما هو سائد في مجتمع المدينة إلا في حدود. فالمهن والحرف، وألعاب التسلية، مشتركة فيما بينهما، غير إن ريفنا يتميز بكثرة المواهب المبدعة في قرض الشعر وقراءة الزهيري. وفي الحقيقة فقد تمكن الباحث بلاوي فتحي حمودي الحمداني في رسم صورة واضحة المعالم لطبيعة الحياة في ريف الموصل من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وإعطاء تصور يكاد يكون متكامل عن العادات والتقاليد والتعليم الديني وشكل المجالس والدواوين وكل ما يتعلق بالريف بشكله الجميل. مثمنين الجهود المبذولة من قبل المؤلف وسعيه إلى التوثيق، واعتماد المصادر المتنوعة متمنين له كل التوفيق لخدمة تاريخنا البهي.اً أُ)). قسم الكتاب إلى سبعة فصول مع مقدمة وخاتمة ولم يحاول الباحث على حد قوله في مقدمة كتابه إن يميل إلى الإسهاب والإطالة في ذكر الخبر أو تقديم المعلومة إنما مال إلى الإيجاز المُركز في طرح مادته ولا نجد عناوين للفصول في فهرست الكتاب إنما ذكر العناوين في فاصلة كل فصل ، ولم يزودنا بقائمة للمصادر المعتمدة في تأليف كتابه إنما اكتفى بذكر المصادر في نهاية كل فصل من فصول الكتاب ، إلا أن الفقرات أو المحاور المضمنة تحت كل فصل امتازت بتنوعها واحياناً نجدها مختارة فعند حديثه عن الجوامع مثلا يختار جامعاً واحداً كنموذج للكلام عنه ، ومن محاسن هذا الكتاب هو وجود الجداول والمخططات والإحصاءات التي ازدان بها الكتاب ، مع العديد من القطع الشعرية والاستشهاد بالآيات القرآنية والحديث النبوي الشريف . ركزت فصول الكتاب على تناول نبذة عن ريف الموصل بكل ما يمكن الكلام عنه من مختلف النواحي والذي يعد بمثابة مدخل لفهم طبيعة الريف وعلاقته بمدينة الموصل ، ثم الحديث سكان الريف ووسائل العيش فيه ، فضلاً عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية وأحوال البدو ، وأهازيجهم وأشعارهم وقصائدهم . والباحث من مواليد مدينة الموصل سنة 1945 ، وهو عضو نقابة المعلمين ، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب في الموصل ومن المهتمين بتاريخ وتراث مدينة الموصل له سبعة مؤلفات نذكر منها مجتمع ريف الموصل في قرن ، والدر المكنون في نسب طي والحمدون .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق