الأحد، 28 سبتمبر 2014

صور في كتب الجغرافيين العرب

صور في كتب الجغرافيين العرب


الجغرافيا كلمة يونانية الاصل تنعي باللغة العربية وصف الارض فلفظ الجغرافيا Geography لفظ إغريقي هو في الأصل geographica، مؤلف من شقين: أولها Geo ويعني الأرض، وثانيهما Graphica ويعني الوصف أو الصورة.
وقد اطلق العرب على معارفهم الجغرافية أسماء عديدة؛ذلك ان مباحثهم الجغرافية ادرجت في علوم مختلفة لعدم استقلال علم الجغرافية عندهم حتى زمن متأخر ومن العلوم التي تضمنت مباحث جغرافية علم الأطوال والعروض وعلم تقويم البلدان ويتضمن المباحث ذات المحتوى الفلكي. وما غلب على محتواها وصْفُ المسالك وطرق المواصلات سميت علم البرود) جمع بريد( أو علم المسالك والممالك. واتخذت المصنفات الجغرافية التي تصف مجموع المناطق والبلدان اسم علم الأقاليم، وعلم عجائب البلدان، وعلم البلدان، وما قد تناولت المناخ جاءت تحت اسم علم الأنواء، وما قد تناولت الجغرافيا الفلكية سمِّيت علم الهيئة، واستخدموا مصطلح صورة الأرض قاصدين به مصطلح جغرافيا الحالي.
ونحن في هذه المقالة سنبحث عن ما ورد من اخبار جغرافية عن مدينة صور ضمن ما كان يسمى الجغرافيا الإقليمي.وتسمى ايضا الجغرافيا البلدانية؛ وتتمثل في المصنفات التي اتخذت المنهج الوصفي أساسًا لها، وكذلك المعاجم الجغرافية وكتب الرحلات. وقد اتبع الجغرافيون المسلمون في تناولهم للجغرافيا البلدانية أسلوب المشاهدة والزيارات الميدانية. فقد زار معظمهم الأقاليم والبلدان التي تحدثوا عنها، لاسيما الرعيل الأول منهم من أمثال اليعقوبي، وابن حوقل، والمسعودي، والإدريسي وغيرهم. وقد تناولوا في مصنفاتهم الجغرافية هذه أوصافًا للأقاليم والمدن والشعوب وأديانها وعاداتها ودراسة للمسالك وطرق المواصلات التي تربط بين المدن المختلفة والأبعاد بينها وما يفصل بينها من أنهار وبحار وبحيرات وجبال. ومن نماذج هذه المصنفات كُتُب: المسالك والممالك لابن خرداذبه؛ كتاب الأقاليم لهشام الكلبي؛ جزيرة العرب للأصمعي؛ البلدان لليعقوبي؛ صفة جزيرة العرب للهمداني؛ أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي؛ الأقاليم للإصطخري؛ صورة الأرض لابن حوقل؛ تقويم البلدان لأبي الفدا عماد الدين بن إسماعيل ومن المعاجم معجم البلدان لياقوت معجم الروض المِعْطار في خبر الأقطار لمحمد بن عبدالمنعم الصنهاجي الحميري.كما سننتبع بعض اخبار الجغرافيا البشرية التي حفلت بها كتب الجغرافيين العرب كما في كتاب احسن التقاسيم وكتاب مروج الذهب.
وقد حدد كتاب " الجغرافيا" لابن سعيد موقع مدينة صور قائلا:" وتقع صور التي لا ترام بحصار من جهة البر حيث الطول تسع وخمسون درجة وسبع عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وقد حفر الفرنج حولها حتى أرادوا بها البحر.
ومن اوصافها ماقاله عنها المقدسي البشاري(ت 390 هـ ،1000 م) في كتابه احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم صفحة 60 حيث قال:صور وهي من مدن قصبة طبرية في اقليم الشام وهي مدينة حصينة على البحر، بل فيه يدخل إليها من باب واحد على جسرٍ واحدٍ قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة ثم تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الأكراه، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة، وهي مدينة جليلة نفيسة بها صنائع ولهم خصائص، وبين عكا وصور شبه خليج ولذلك يقال عكا حذاء صور، إلا أنك تدور، يعني حول الماء.وقد اشار في غير مكان من كتابه ان ميناء عكا وتحصيناتها بناها ابن طيلون على غرار ماشاهده من بناء مدينة صور.ومن صناعاتها حسب المقدسي في ص 67 " ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات."ومن خصائصها الموازين المعتمدة فيها حيث قال :" وقفيز صور مدى ايليا وكيلجتهم صاع" والقفيز مكيال إسلامي كان يستعمل في الوزن والكيل أثناء العصور الإسلامية.و يساوي ثمانية مكاكيك ويساوي 12 صاعا. أي 24.48 كيلوغرام اما الصاع فيساوي اربعة أمدد بمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بميازيين اليوم يساوي ما يقرب من ثلاثة كيلوغرامات اما الكيلجة فهي مكيال إسلامي وهو اسم فارسي . وقدر وزنها بمنا وسبعة أثمان اي ما يقرب من 15 غرام.كما اشار الى خصوصية في مياه صور فذكر في الصفحة 68 ان "ماء صور يحصر ".و ذكرها معجم البلدان لياقوت (626 هـ ،1229م)في صفحة 1114 فقال: صورُ: بضم أوله وسكون ثانيه وآخره راء، وهي في الإقليم الرابع طولها تسع وخمسون درجة وربع وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان وهو في اللغة القرن كذا قال المفسرون في قوله تعالى: "ونفخ في الصور" الكهف: 99، وهي مدينة مشهورة سكنها خلق من الزهاد والعلماء، وكان من أهلها جماعة من الأئمة كانت من ثغور المسلمين وهي مشرفة على بحر الشام داخلة في البحر مثل الكف على الساعد يحيط بها البحر من جميع جوانبها إلا الرابع الذي منه شروع بابها وهي حصينة جداً ركينة لا سبيل إليها إلا بالخذلان. افتتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم تزل في أيديهم على أحسن حال إلى سنة 518 فنزل عليها الأفرنج وحاصروها وضايقوها حتى نفدت أزوارهم وكان صاحب مصر الآمر قد أنفذ إليها أزواداً فعصفت الريح على الأسطول فردته إلى مصر فتعوقت عن الوصول إليها فلما سلموها وصل بعد ذلك بدون العشرة أيام وقد فات الأمر وسلمها أهلها بالأمان وخرج منها المسلمون ولم يبق بها إلا صعلوك عاجز عن الحركة وتسلمها الأفرنح وحصنرها وأحكموها وهي في أيديهم إلى الاَن والله المستعان المرجو لكل خير الفاعل لما يريد، وهي معدودة في أعمال الأردن بينها وبين عكة ستة فراسخ وهي شرقي عكة، وقد نسب إليها طائفة من العلماء. منهم أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ سمع الحديث على كبر سن حتى صار رأساً وانتقل إلى بغداد سنة 418 بعد أن طاف البلاد ما بين مصر وأكثر تلك النواحي وكتب عمن بها من العلماء والمحدثين والشعراء وروى عن عبد الغني بن سعيد المصري وأبي الحسن بن جميع وأبي عبد الله بن أبي كامل وكان حافظاَ متقناً خيراً ديناً يسرد الصوم ولا يفطر غير العيدين وأيام التشريق وبدقة خطه كان يُضْرَب المثل فإنه يكتب في الثُمن البغدادي سبعين أو ثمانين سطراً روى عنه أبو بكر الحافظ الخطيب والقاضي أبو عبد الله الدامغاني وغيرهما وزعم بعض العلماء أنه لما مات الصوري مضى الخطيب واشترى كتبه من بنت له فإن أجمع تصانيف الخطيب منها ما عدا التاريخ فإنه من تصنيف الخطيب قالوا وكان يذاكر بمائتي ألف حديث قال غيث سمعت جماعة يقولون ما رأينا أحفظ منه وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة 441.واشار الى ان صناعة الاردن كانت في عكا فنقلها هشام بن عبد الملك الى صور وبقيت هناك الى ايام المقتدر العباسي حيث خربت صور على يد الغزاة وعمرت عكا وعادت اليها صناعة الاردن وبقيت فيها حتى ايام تأليف الكتاب اي في حدود عام 600 هجري.اما كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبة(ت312 هـ ، 924 م)في الصفحة 71 فقد اشار الى صور في تعداده للثغور البحرية واشار الى انها من سواحل جند الاردن وفيها صناعة المراكب مشيرا الى انها كورة مستقلة تقع في الطريق بين الجزيرة والساحل معتبرا انها من الطرق العادلة وبينها وبين طبرية سبع سكك.اما الادريسي (ت 560هـ، 1164م )في كتاب نزهة المشتاق في اختراق الافاق فقد تحدث عن موقع صور من المدن المحيطة بها مبينا المسافات الفاصلة بينها وبين مجاورتها من المدن فقال في صفحة 117: ومن الإسكندرية إلى مدينة صور خمسة عشر ميلاً وهي مدينة حسنة على ضفة البحر وبها للمراكب إرساء وإقلاع وهو بلد حصين قديم والبحر قد أحاط به من ثلاثة أركانه ولهذه المدينة ربض كبير ويعمل بها جيد الزجاج والفخار وقد يعمل بها من الثياب البيض المحمولة إلى كل الآفاق كل شيء حسن عالي الصفة والصنعة ثمين القيمة وقليلاً ما يصنع مثله في سائر البلاد المحيطة بها هواء وماء.
ومن صور إلى طبرية يومان كبيران ومنها إلى عدلون وهو حصن منيع على البحر ومنه إلى صرفند عشرون ميلاً وهو حصن حسن ومنه إلى صيداء عشرة أميال وبين صور وصرفند يقع نهر ليطقة ومنبعه من الجبال ويقع هناك في البحر ومن مدينة صور في البر إلى طبرية يومان كبيران ومن صور إلى دمشق أربعة أيام.

غير ان ما اشار اليه القزويني (628هـ، 1230م) في كتابه اثار البلاد واخبار العباد هو ما يدعو الى التأمل فقد اشار الى ان في صور قنطرة تعد من عجائب الدنيا ومما قاله عن صور "هي مدينة مشهورة على طرف بحر الشام، استدار حائطها على مبناها استدارة عجيبة، بها قنطرة من عجائب الدنيا وهي من أحد الطرفين إلى الآخر على قوس واحد. ليس في جميع البلاد قنطرة أعظم منها. ومثلها قنطرة طليطلة بالأندلس إلا أنها دون قنطرة صور في العظم، ينسب إليها الدنانير الصورية التي يتعامل عليها أهل الشام والعراق ".و من هذا النص تظهر القيمة الاقتصادية للمدينة حتى في القرن السادس الهجري حيث كانت الدنانير الصورية العملة السائدة في بلاد الشام والعراق.وبالرجوع الى ما ذكره القزويني بصدد حديثه عن طليطلة حيث قال "وبها القنطرة العجيبة التي وصفها الواصفون أنها قوس واحد من أحد طرفي الوادي إلى الطرف الآخر، لم ير على وجه الأرض قوس قنطرة أعظم منها إلا قنطرة صور" يتبين اننا بصدد بناء عظيم الشأن لابد من السؤال عن موضعه ومصيره وربما عن حقيقة وجوده ؟
ومن الملاحظات المهمة حول جغرافية صور ما اشار اليه اليعقوبي(تـ284هـ، 897م ) في كتابه البلدان ص38 من انها كانت المدينة التي فيها صناعة السفن ومنها تخرج مراكب السلطان لغزو الروم وهي حصينة جليلة، وأهلها أخلاط من الناس.
ومن اكمل الاوصاف ما ذكر عن صور في كتاب الروض المعطار في خبر الاقطار لمؤلفه محمد بن عبد المنعم الحميري(تـ900 هـ ،1494م) في الصفحة 352 وبه نختم الجزء الاول من دراسة اخبار صور في كتب الجغرافية العربية حيث قال: من بلاد الشام بحرية، بها دار الصنعة، ومنها تخرج مراكب السلطان، وهي حصينة جليلة، قريبة من عكا، ويضرب بها المثل في الحصانة، وهي أنظف من عكا سككاً وشوارع، ولها بابان: أحدهما في البر والآخر في البحر، وهو يحيط بها إلا من جهة واحدة، فالذي في البر يفضى إليه بعد ولوج ثلاثة أبواب أو أربعة، والذي في البحر هو مدخل بين برجين مقدرين إلى ميناء ليس في البلاد البحرية أعجب وضعاً منها، يحيط بها سور المدينة من ثلاثة جوانب، ويحدق بها من الجانب الآخر جدار معقود بالجص، والسفن تدخل تحت السور وترسي فيها، وتعترض من البر بين البرجين المذكورين سلسلة عظيمة تمنع عند اعتراضها الداخل والخارج، فلا مجال للمراكب إلا عند إزالتها، وعلى ذلك الباب حراس وأمناء، لا يدخل الداخل ولا يخرج الخارج إلا على أعينهم، ولعكا مثلها في الوضع والصفة لكنها لا تحتمل السفن الكبار حمل تلك.
وأخذت الروم صور من أيدي المسلمين سنة ثمان عشرة وخمسمائة في أيام الآمر بأحكام الله خليفة مصر الشيعي، وكان أهلها عزموا على أن يجمعوا أهاليهم وأبناءهم في المسجد الجامع ويحملوا عليهم سيوفهم غيرة من تملك النصارى لهم، ثم يخرجوا إلى عدوهم بعزمة نافذة، ويصدموهم حتى يموتوا على دم واحد ويقضي الله قضاءه لهم، فمنعهم من ذلك فقهاؤهم والمتورعون منهم، فأجمعوا على دفع البلد والخروج عنه بسلام، فكان ذلك، وتفرقوا في بلاد المسلمين، ومنهم من استهواه حب الوطن فأقام بها.
وصور وعكا لا بساتين حولهما إنما هما في بسيط من الأرض متصل بسيف البحر، والفواكه تجلب إليهما من رساتيقهما التي بالقرب منهما. ولصور عند بابها البري عين معينة ينحدر إليها على أدراج، والآبار والجباب فيها كثيرة لا تخلو دار منها.
ومنها عبد المحسن الصوري الشاعر.
وهي الآن للروم وبينها وبين الإسكندرية خمسة عشر ميلاً، وهي مدينة حسنة وبها للمراكب إقلاع وحط، وقد أحاط البحر بها من ثلاثة أركانها، ولها ربض كبير يعمل فيه جيد الزجاج والفخار، ويعمل بها من الثياب القمص المحمولة إلى كل الآفاق كل شيء حسن، ومن صور إلى دمشق خمسة أيام.


http://www.yasour.org/news.php?go=fullnews&newsid=10865

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق