الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

المدرسة عند المسلمين ـــ د.منير سعد ا


بحث رائع عن دور المدرسة في اﻻسلام أرتأيت نقله للفائدة من اﻻنترنيت

مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 48 - السنة 12 - تموز "يوليو" 1992 - المحرم 1413


المدرسة عند المسلمين ـــ د.منير سعد الدين



يقصد بالمدارس تلك الأماكن التي أسست لنشر نوع خاص من المعرفة، تحت إشراف الدولة التي تنفق عليها الأموال وتحبس لها الأوقاف، وتراقب التعليم فيها، وتعهد لفئة صالحة من الناس وهم المعلمون ليدرسوا المتعلمين ويثقفوهم، ويختارون حسب لوائح خاصة يضع الواقف فيها شروطه، وتقدم لهم الجرايات والأرزاق، ويجاز فيها المتعلمون بما تعلموا من ضروب المعارف النقلية والعقلية.
والمدرسة كفكرة ذات هدف معين ونظام خاص تميزت به وسارت عليه، وكان له في خدمة التعليم الإسلامي العالي دور بارز له مميزاته وخصائصه.
أما نشأة المدرسة الإسلامية فيرى ابن خلكان (ت 681هـ/ 1282م) إن نظام الملك بنى المدارس والربط والمساجد في البلاد، وهو أول من أنشأ المدارس فاقتدى به الناس"(1)، حيث تعددت مدارسه النظامية في بغداد، وبلخ، ونيسابور، وهراة، وأصبهان، والبصرة، ومرو، وآمل، والموصل.
لكن الوقائع أثبتت "نشوء مداس كثيرة قبل مدارس نظام الملك بأكثر من مئة وخمسة وستين عاماً، وأن طائفة كبيرة من هذه المدارس، تم إنشاؤها على أيدي علماء من العرب المشهورين في منطقة خراسان وما وراء النهر، بل كانوا أول من أنشأ المدارس في نيسابور"(2).
فهناك مدرسة ابن حيان التميمي أبو حاتم (ت 354هـ/ 965م) والذي كانت "داره مدرسة لأصحابه أو مسكناً للغرباء الذين يقيمون بها من  أهل الحديث والمتفقهة ولهم جرايات يستنفقونها داره وفيها خزانة كتب"(3).
ووردت إشارة إلى المدرسة الصادرية بدمشق "في رسائل الهمذاني وهو المتوفى سنة (398هـ/ 1008م) وقيل أن الأمير شجاع الدولة صادر بن عبد الله أنشأ هذه المدرسة في دمشق سنة 391هـ/ 1001م)"(4).
وكذلك أوردت بعض المصادر أخباراً حول إقامة مدرسة مشهد أبي حنيفة التي افتتحت في العراق وذلك حين سمع مستوفي المملكة شرف الملك أبو سعد محمد بن منصور الخوارزمي (ت 495هـ/ 1101م) بأخبار مشروع نظام الملك ومباشرته بأعمال بناء مدرسته ببغداد، فسارع بالحضور إلى بغداد لإنشاء مدرسة مشابهة لها لأتباع المذهب الحنفي، فاختار أن يكون موقعها بجوار تربة مشهد الإمام أبي حنيفة النعمان إمام المذهب، فاشترى ما يحيط بالقبر من أبنية وأرض، وأمر بهدم مسجد كان بجوار المقبرة فسوى أرضاً فسيحة، وجاء بالمهندسين والقطاعين. وحفر أساساً لعتبة كبيرة تقام فوق القبر، وبعد أن تم بناء ذلك عمل بإزائها مسجداً جامعاً ومدرسة أنزلها الفقهاء، ورتب لها مدرساً فدخل أبو جعفر البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالاً:
ألم تر أن العلم كان مضيعا

فجمعه هذا المغيب في اللحد

كذلك كانت هذه الأرض ميتة

فأنشرها جود العميد أبي سعد(5)

ولقد حرص مستوفي المملكة على أن يتم افتتاح المدرسة قبل النظامية، وقد تم له ذلك قبل افتتاح المدرسة النظامية بأربعة أشهر وثلاثة عشر يوماً(6).
فالمدرسة كانت موجودة قبل النظاميات، وعرفت في القرن الرابع الهجري، وأنها كانت مكاناً خاصاً بالتدريس غير (المسجد) و (الكتاب) و(دار العلم) و (دار الحكمة)، ويغلب على ظننا أن المدرسة "كانت فيها غرف يسكنها الطلاب الغرباء، أو ربما سكن فيها بعض الشيوخ أيضاً، وأن هذه المدارس كانت تتمتع ببعض الأموال تنفق في سبيل الهدف الذي أنشئت من أجله، وخصوصاً تلك التي بناها بعض الأمراء كمدرسة نصر بن سبكتكن والمدرسة الجليلة التي بنيت لأبي إسحق الإسفرائيني، وأن هذا النوع من المعاهد كان منتشراً في العالم الإسلامي وفي الشرق وبنيسابور بصورة خاصة. أما في مصر والمغرب والأندلس فلم نعثر على نصوص تفيد أن شيئاً من هذه المعاهد كان موجوداً قبل العصر الأيوبي"(7).
ومن الممكن أن نعتبر عمل نظام الملك في مدارسه النظامية بأنه كان أول عمل رسمي قامت به الدولة الإسلامية لتنظيم الدراسة، وتهيئة مستلزماتها وحاجاتها، وتقديم الرواتب والنفقات للمعلمين والمتعلمين وتبنت تقاليد معينة تتعلق بأنظمة التدريس، والإدارة، والمسكن، والمأكل والمشرب، مما ساعد على الاستقرار والنمو في تلك المدارس.
ويعتبر نظام الملك أيضاً من أوائل من فطنوا لاستخدام المدارس في تخريج جماعات مسلمة مثقفة ثقافة عالية، ومزودة بسلاح العلم والإيمان معاً، للوقوف للأخطار التي كانت تهدد الدولة، وتفسد العقول، فلم يستعمل السلاح بل أراد أن يقرع الحجة بالحجة.
ولقد جرت العادة أن تنسب المدرسة إلى منشئيها فنقول "المدرسة النظامية نسبة على الوزير نظام الملك، والمدرسة المستنصرية نسبة إلى الخليفة العباسي المستنصر بالله، والمدرسة النورية نسبة إلى نور الدين محمود زنكي، أو الموضع الذي أقيمت فيه كمدرسة درب القيار، ومدرسة سوق العميد، ومدرسة بين الدربين، أو تنسب إلى عالم تنشأ له المدرسة كمدرسة الجيلي أو القادرية، أو إلى مدرس مشهور كمدرسة ابن الخل(8).
ولقد كان للعلماء موقف رافض حذر من تبني الدولة للعلم والإشراف عليه حين قامت المدارس النظامية، وذلك خوفاً من أن تفرض الأدعياء والدخلاء على التعليم فيفسد، لذا فإنه لما أقام نظام الملك مدارسه ومنها نظامية بغداد والتي خص بها العالم الفقيه أبي إسحق الشيرازي (476هـ- 1083م)، والتي افتتحت في ذي القعدة من العام (459هـ- 1066م)، "وفرغت عمارتها وتقرر التدريس بها للشيخ أبي إسحق الشيرازي، اجتمع الناس لحضور الدرس وانتظروا مجيئه تأخر فطلب فلم يوجد"(9).
ويرى حاجي خليفة (ت 1067هـ- 1656م)، صاحب كشف الظنون "أن العلماء والفقهاء كانوا بين آسف ومستنكر رافض، لأن العالم الفقيه يرى طلب العلم لذاته وليس للاحتراف والتكسب والعيش منه، ولذلك فإن من يتخذ العلم حرفة يخرج من صفوف العلماء لأنه لا يتحلى بأخلاقهم. فلقد كوشف علماء ما وراء النهر بهذا الأمر ونطقوا به لما بلغهم بناء المدارس ببغداد أقاموا مأتم العلم وقالوا كان يشتغل به أرباب الهمم العلية والأنفس الزكية الذين يقصدون العلم لشرفه والكمال به فيأتون علماء ينتفع بهم وبعلمهم وإذا صار عليه أجرة تدانى إليه الأخساء وأرباب الكسل فيكون سبباً لارتفاعه ومن ههنا هجرت علوم الحكمة وإن كانت شريفة لذاتها"(10).
ولم يكن قيام المدرسة وليد نفسها "أو نتاج تأمل مجرد يحدث في فراغ من جانب الكبار، كما أن برنامجها التربوي لم يتم تلقائياً من ميول الأطفال ونشاطهم وإنما المدرسة منظمة اجتماعية أنشئت وتطورت في كل مجتمع نتيجة ما بذله أفراده من جهود لتوجيه حياة الناشئين ومساعدتهم على مواجهة ظروف الحياة في المجتمع وذلك في ضوء ما اختاره هؤلاء الأفراد من قيم وأنظمة ومعارف، ومن ثم تتأثر المدرسة والتربية بصفة عامة، بأحكام هؤلاء الكبار وطرق اختيارهم، وهذه الطرق وتلك الأحكام تتأثر بدورها بظروف الزمان والمكان من تاريخ ونظام الحكم ومعرفة وعلم وتقاليد وأدوات وهذا كله وليد عمليات وتنظيمات وعلاقات ومظاهر تعبر عن خبرات أفراد هذا المجتمع على مدى أجيال طويلة"(11).
ومن هذه المقولة ننطلق للتعرف إلى الأسباب والدوافع التي أدت إلى ظهور المدرسة عند المسلمين، حيث تضافرت الأسباب السياسية والدينية والثقافية والتربوية والشخصية في نشوء وظهور المدرسة.
فمن الناحية الدينية كان التركيز عند المسلمين على العلم الديني والذي أشار إليه الكثير من السلف، فهذا معاذ بن جبل (ت 18هـ- 639م) يقول "تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة"(12). والمقصود بالعلم هنا العلم الديني، لأن الكثير من العلوم خاصة النافعة منها اعتبرت في رأي ابن خلدون "كالعلوم اللغوية مثلاً أو كما يسميها علوم اللسان العربي من لغة ونحو وبيان وأدب، اعتبر معرفتها ضرورية على أهل الشريعة، إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة"(13). ولذلك اتسعت شمولية مدلول العلم، فاحتوى على كل ماهو نافع ومفيد للمسلمين في شؤون دينهم ودنياهم.
وانطلاقاً من الموقف من العلم والنظرة الدينية الإسلامية إليه، أقبل الناس على التعلم والتعليم، "وتعلم الكثير من المعلمين الحرفة ثم العلم وذلك لتعليمه احتساباً لوجه الله تعالى فانسحب هذا الأمر إلى المدرسة حيث كانت أخت المسجد، ويتقرب الناس ببنيانها إلى الله، وكان الأتقياء يطمعون في ثواب الله، ينشؤون المدارس ويوقفون عليها بعض أملاكهم لسد حاجات المدرسين والطلبة، فقد كان من المألوف أن يأخذوا جراياتهم"(14).
أما الناحية السياسية فقد تكون من دوافع إنشاء المدارس كما رأينا ذلك من خلال إقامة الفاطميين والسلاجقة والأيوبيين لمؤسسات التعليم، حيث أراد كل منهم أن يواجه خصومه من السبيل الذي سلكه وليفسد كل على الآخر خططه، فجعلوا التربية أحد أسلحتهم لمحاربة واقتلاع آثار الآخرين فالفاطميون والبويهيون مثلوا المذهب الشيعي، والزنكيون والأيوبيون والسلاجقة مثلوا المذهب السني.
ولقد أدرك الجميع أن القوة والعنف لا تجدي نفعاً فاستخدموا التربية بديلاً "للقوة المسلحة والسجن والقتل والتعذيب وغير ذلك من وسائل كان البعض –خلافاً لجوهر الإسلام وروحه- قد بدأ يستخدمها لقهر أفكار الخصوم ومبادئهم لا تجدي وإنما لابد أن تحارب الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي، وفي هذا مكسب كبير وعودة حميدة إلى أصول الإسلام"(15).
ولذلك فلا ينكر خدمة التربية للسياسة بما فيها المدارس، ولم يمض ذلك بدون مؤازرة العلماء ومعاونتهم للسلطة، فالكل كانوا يعملون لنصرة المذهب الذي كانوا يدينون به. ولذلك عهد بمناصب التدريس في المدارس إلى علماء أفذاذ أصحاب مقدرة علمية عالية ومكانة فكرية واجتماعية رفيعة، وهم أناس واعون لمسؤولياتهم ومحافظون على مراكزهم الروحية والقيادية بين الناس، حتى يستطيعوا التأثير على العامة، وحتى يتمكنوا من تخريج رجال سلاحهم العلم والإيمان للوقوف في وجه الأخطار المختلفة التي تهدد الدولة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن بعض العلماء لم يرضوا أن يسيروا في ركاب السلاطين ويصبحوا من عداد علماء السلاطين، فخالفوهم عندما اصطدمت قراراتهم بأحكام الشريعة وعزل منهم الكثيرون وتركوا مدارس السلطة، تمسكاً برأيهم وعقيدتهم.
ولا يمكن أن ننسى الدوافع الثقافية التي كانت عند الخليفة أو السلطان أو الأمير أو الوزير أو الوالي، أو العالم، فقد يجمع الكثير منهم ثقافة عالية مع رغبة شديدة في نشر العلم، وأكبر الأمثلة الخلفاء المسلمون الذين ضربوا أروع الأمثلة في احتضان العلم وحملة لوائه. وكذلك رجال السلطة من سلاطين وأمراء ووزراء أمثال نور الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، ونظام الملك، الذين نرى من خلال تراجم حياتهم مدى معرفتهم العلمية الواسعة ورغبتهم الشديدة في نشر العلم بين الناس عن طريق المساجد والمدارس وغيرها من وسائط التعليم.
وكذلك لا ننسى دور المدرسة في إمداد أجهزة الدولة بالعاملين في الجهاز الإداري والتعليمي، لأننا "لا نستطيع أن نتصور أن الجهاز الإداري الحاكم بعد أربعة قرون من ظهور الإسلام قد ظل على بساطته، فالنمو سنة من السنن الكونية نجدها في نظم الحكومة أيضاً كما نجدها في الكائنات الحية، فالأعمال لابد وأن تكون قد زادت وتعددت، والوظائف المختلفة لابد أن تكون قد تشعبت وكثرت، والأعمال لابد وأن تكون قد تضخمت وتعقدت مما برزت معه الحاجة لأن يؤخذ العاملون في عدد غير قليل من الأعمال الحكومية من بين خريجي المدارس فالمؤسسات والمعاهد التربوية الأخرى كانت تؤدي دوراً مماثلاً نظراً لنسبية تعقد الأعمال المطلوبة، وكذلك لابد ألا ننسى أن عديداً من الأعمال الأخرى ظلت تؤدى كما كانت من قبل، أي بغير حاجة لأن يكون ممارسها متعلماً في مدرسة، أو في غيرها، ولم يجد القوم غضاضة في ذلك، إذ لم تزل (الخبرة) أو (الممارسة) المصدر الأساسي لإعداد العاملين لكثير من الوظائف والمهام"(16).
ولقد قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (476هـ- 1083م) وهو الفقيه العالم المعلم: "خرجت إلى خراسان فما بلغت بلدة ولا قرية إلا وكان قاضيها أو مفتيها أو خطيبها تلميذي أو من أصحابي"(17).
أما الدوافع الشخصية في ظهور المدارس وبخاصة وأن المدارس تتعلق ببشر، فقد تسابق الناس في المجتمع في العصر العباسي على بناء المدارس حيث شارك فيها السلاطين والملوك والأمراء والوزراء والولاة ومستخدمو الدولة وأثرياء المعلمين وأغنياء التجار وسيدات الأسر الحاكمة من زنكية وأيوبية، والخدم والعتقاء، كل هؤلاء انطلقوا في عملهم هذا من دوافع دينية في الأساس ولكن وراءها دوافع سياسية وشخصية يتحرك من خلالها بشر تحت وقع عوامل نفسية اجتماعية، فلقد وجدت هذه العناصر أن المساهمة في المشاريع الخيرية والتي منها المدارس إشباع لحاجات التقدير الاجتماعي وإرضاء للذات، من ذلك تواجد الأعداد الغفيرة من كبار رجال الدولة وعلمائها الذين يشاركون في حفل افتتاح المدرسة، مما يدعو إلى ازدياد التقدير لمنشئها، وبخاصة عندما تبدأ المدرسة عملها، وتضم في بنائها الضخم علماء معلمين عظماء هم المقصد والطلب لأن المدرسة بالدرجة الأولى أستاذ، ويشعر صاحبها بارتفاع قيمته مما يناله من تقدير واحترام المجتمع له، ومن كثرة المتعلمين الوافدين إليها، وما يسمعونه من إطراء وتقدير من الشعراء والخطباء الذين يشيدون بمن لهم اليد الطولى في إنشائها.
أما تنظيم المدرسة، فقد لوحظ تغلغل روح الإسلام في كل مظهر من مظاهر تنظيمها، فمن الناحية المعمارية اضطلعت المدرسة برسالة المسجد من إقامة الصلاة في أوقاتها الخمسة إلى جانب صلاة الجمعة، وكانت مركزاً لإصدار الفتاوى، وتفقيه الناس والقيام بالوعظ والإرشاد، مما دفع القائمين على تنظيمها أن يصمموا بناءها بالشكل الذي يتناسب مع أداء هذه الوظائف.
فلقد روعي في تخطيط "بيوت الصلاة أن تمتد بموازاة جدار القبلة أكثر من امتدادها في اتجاهه، ثم هناك البهو المكشوف، وبيوت الطلبة التابعة للقسم الداخلي من المدرسة، والقاعات الفسيحة التي تتسع لعدد كبير من الطلبة المتشوقين للعلم، وكانت مساحتها تتناسب مع الغرض الذي أعدت له كخزانات الكتب، أو قاعات لتذكير الدروس وتناول الطعام وجلوس المدرسين والنظار والمشرفين والكتبة"(18).
أما تمويل المدارس فقد لعبت الأوقاف دوراً كبيراً في تغذيتها حتى انتشرت بشكل واسع، وبرزت في تنظيم الوقف وثائق خاصة به حتى أنه يمكننا القول أن وثيقة الوقف أو كتاب الوقف كان أشبه ما يكون باللائحة الأساسية للمؤسسة التعليمية أو النظام الداخلي للمدارس، ويتضمن الشروط الواجب توفرها في القائمين بالتدريس ومواعيد الدراسة، وغيرها من التنظيمات الإدارية والمالية.
فالأوقاف كانت المورد الرئيسي للصرف على المدارس وباقي المؤسسات العلمية، واستمرارها في أداء رسالتها كان مرهوناً بما تغله هذه الأوقاف والتي تستخدم في مصاريف المؤسسة التعليمية ودفع مرتبات الموظفين، وتحتاج هذه الأوقاف لتبقى معطاءة لما خصصت له أن يحسن الإشراف عليها وتسودها الأمانة، لأنها إذا صودرت أو خربت وأصبح الوارد من الوقف غير كاف لدفع مصاريفها، فيكون ذلك بداية لتدهور هذه المؤسسة وتوقفها عن عملها.
فمن خلال دراسة أوقاف المدرسة المستنصرية مثلاً والتي "كانت منوطة بالمسؤول عن أوقاف المدرسة المدعو صدر الوقوف ويبدو أنه لم يحسن استعمالها بالأمانة المطلوبة حيث نجد أن أوقاف المدرسة بمرور الزمن صارت تتقلص وذلك إنما يدل على استحواذ أولئك الموظفين والمستولين على تلك الوقوف وكان ذلك من أكبر الأسباب التي أدت إلى انهيار المدرسة ثقافياً كما أدت إلى ترك طلاب العلم لها بعد أن أضحت فقيرة الأوقاف، فلم يعد بمقدور الطالب الاستمرار على التعليم والنفقة فيها نتيجة النقص في مخصصات الطلاب أو عدمها"(19).
ويحاول أحد الباحثين حصر مصادر الأموال الخاصة بالتعليم عند المسلمين بالنواحي الآتية(20):
1-عطاءات الخلفاء والحكام.
2-الأجور الخاصة التي يتم الاتفاق عليها بين الأساتذة والطلاب.
3-الأوقاف.
4-الهبات والإعانات والصدقات.
5-الزكاة الشرعية.
أما إدارة التعليم وتمويله والمدرسة جزء منها فتنطلق من أن التربية في الإسلام مسؤولية فردية اجتماعية، ومعنى ذلك أن إدارة التعليم وتمويله في الإسلام يجمع بين مميزات كل من النظامين المتناقضين في إدارة التعليم، وهما النظام المركزي والنظام اللامركزي، إلا أن الكل فيه مسؤول مسؤولية دينية عن التعليم، فكل من لديه شيء يعطيه يجب عليه أن يعطيه وإلا اعتبر مقصراً في حق من حقوق الله عليه، وتتدخل الدولة في الإسلام في التعليم بوصفها ممثلاً للجماعة الإسلامية، عندما تحس قصوراً في بعض المجالات والجهات، لإزالة أسباب ذلك القصور، حفاظاً على سلامة الجماعة الإسلامية وقوتها، وهنا يكون تدخلها تدخل عون ومساعدة لا تدخل فرض وسيطرة"(21).
ولابد لنا أن نعلم أن إدارة المدرسة سواء كانت منشأة دولة أو منشأة أفراد، لا تتدخل في شؤون هيئة التدريس، ووظيفتها تنظيم الشؤون الإدارية والإشراف على شؤون الطلاب من خلال المساكن الداخلية وتأمين حاجاتهم، والجرايات الخاصة بالموظفين.
ولقد تعددت العناصر المشرفة على المدرسة من مدرسين ومعيدين ونظام، وكتبة تنحصر مسؤولياتهم في تحرير الرسائل وتنظيم السجلات الإدارية، وقيمين مهمتهم القيام على حراسة المدرسة وحفظ مفاتيح أبوابها، ونفاطين يزودون مصابيح الطلاب بالنفط وينفطون مصابيح المدرسة وغرف الفقهاء(22). والمزملاتية الذين يشرفون على مزملة المدرسة، فيقومون بتسبيل الماء على من يحضرون إلى المدرسة ويطوفون به على المتصدرين والطلبة في أوقات الدراسة، والمباشرون الذين يهتمون بعمل حسابات الوقف وضبطه واستلام المتحصل من الجباة على الوجه الذي حدده الواقف، والجباة الذين يقومون بجباية ريع الأوقاف. والصيارفة الذين يتولون صرف مستحقات الموظفين، والشاوية، وهذه الوظيفة متعددة الجوانب إذ أن صاحبها يعتبر مشرفاً عاماً على الأقسام الثلاثة إذ أنه يقوم بالإشراف على العمارة وصيانتها، والإشراف على العمال الفنيين والمعاونة في جباية ريع الأوقاف وعمل مصالحها، ثم إنه يقوم بالإشراف والتفتيش على أرباب وظائف الخدمات بالمدرسة وحثهم على العمل، وكتاب الغيبية الذين يقومون بكتابة أسماء المتخلفين عن الحضور للمدرسة من سائر الموظفين.
وهناك وظائف فنية مهمة أصحابها القيام بالمحافظة على مبنى المدرسة وصيانته، وصيانة ما يخصها من الأوقاف وعلى رأس هذه الوظائف: المعمار، المرخم، السباك، النجار، وهناك وظائف خدمات كالطباخين، والفراشين، والبوابين(23)، والمزينين والمؤذنين، وخزان الكتب، ومناولوها، والطبيب الذي يهتم بالرعاية الصحية لأسرة المدرسة، وكل هذا يشير إلى عامل مميز للمدرسة الإسلامية عن المدرسة الحديثة حيث يتبين مدى الاهتمام بأعضاء أسرة المدرسة.
ولقد تميز العصر العباسي بانتشار كبير للمدارس والمؤسسات الثقافية التربوية الأخرى، وأدى ذلك إلى كثرة أعداد الطلبة، وبالتالي كثرة العلماء المعلمين، وتبع ذلك قيام حركة علمية نشطة كان الفضل الكبير فيها للقائمين على التدريس فأصبحت فئة العلماء المعلمين ذات وزن ومكانة كبيرة في المجتمع آنذاك، وشاركت في ميادين وأنشطة متعددة المناحي السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.
وقام المعلمون بتدريس مختلف العلوم حسب ما يعينه الواقف للمدرسة، وغلب على هذه العلوم الطابع الديني، وكان الواقف سواء كان من الحكام أو من عامة الشعب يختار المعلمين ضمن مواصفات وخصال ينبغي أن تتوافر بهم، فهم ممن "اتصفوا بالديانة والورع والتقوى، والأهلية بحيث لا ينتصب المدرس للتدريس إذا لم يكن أهلاً له ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سواء شرطه الواقف أم لم يشرطه فإن ذلك لعب في الدين وازدراء بين الناس"(24).
وتميز في المدرسة عدد من المناصب التدريسية الشهيرة منها:
1-مدرسون للفقه على عدد المذاهب بالمدرسة، "فقد كان مجموع عدد طلبة المدرسة المستنصرية (248) طالباً أو فقيهاً بمدرسة الفقه المستنصرية"(25) وكان "لكل طائفة من الطوائف الأربع مدرس"(26). أي للحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية.
2-معيدون لإعادة الدروس يختلف عددهم وفق وصية الواقف" وقد بلغ عددهم (16) معيداً في المدرسة المستنصرية، وفي مدرسة السلطان حسن (12) معيداً ينتخبون من الطلبة أنفسهم"(27).
ولقد حدد ابن جماعة مواصفات ومهام المعيد "بأن يكون من صلحاء الفضلاء وفضلاء الصلحاء صبوراً على اختلاف الطلبة حريصاً على فائدتهم وانتفاعهم به قائماً على وظيفة أشغالهم"(28) ومن أعماله في المدرسة أن "يقدم أشغال أهلها على غيرهم في الوقت المعتاد والمشروط وإن كان يتناول معلوم الإعادة لأنه معين عليه ما دام معيداً، أو أشغال غيرهم نفل أو فرض كفاية وأن يعلم المدرس أو الناظر بمن يرجى فلاحه ليزاد ما يستعين به ويشرح صدره وأن يطالبهم بعرض محفوظاتهم إن لم يعين لذلك غيره، ويعيد لهم ما توقف فهمه عليهم من دروس المدرس ولهذا يسمى معيداً، وإذا شرط الواقف استعراض المحفوظ كل شهر أو كل فصل على الجميع خفف قدر العرض على من له أهلية البحث والفكر والمطالعة والمناظرة لأن الجمود على النفس المسطور يشغل عن الفكر الذي هو أم التحصيل والتفقه، وأما المبتدئون فيطالب كل منهم على ما يليق بحاله وذهنه"(29).
وذكر السبكي "أن المعيد عليه قدر زائد على سماع الدرس: من تفهيم بعض الطلبة، ونفعهم، وعلم ما يقتضيه لفظ الإعادة"(30).
ومعنى ذلك أن المعيد يبدأ عمله بعد انتهاء الشيخ من درسه، فيشرح النقاط الغامضة من الدرس، ويساعد محدودي الذكاء من الطلاب في شرح ما صعب عليهم فهمه.
وكان المعلمون في المدارس مختلفي الاختصاصات، يدرسون، الفقه، وعلوم الحديث وأصوله، ومنهم شيوخ مقرئون، ومعلمو العلوم ا للغوية العربية، والأطباء وغيرهم.
أما تعيين المعلم فكان يتم ضمن أنظمة وأعراف وأصول واحتفالات، وامتحانات جماهيرية قاسية في كثير من الأحيان، تقرر استمراره في العلم أو عدمه، ويتم التعيين بعد صدور (توقيع) يشبه الإرادة الملكية أو المرسوم الجمهوري في أيامنا هذه، هذا إذا كانت المدرسة تشرف عليها الدولة، أما إذا كانت المدرسة وقفاً فكان الإجراء المألوف في التعيين أن يختار الواقف مدرساً مشهوراً ليحتل الكرسي الذي يقفه عند إنشاء المدرسة، ويوجهه في هذا الاختيار المذهب الفقهي الذي من أجله وقف تلك المدرسة.
ولقد كان الإجراء المألوف "أن يختار المدرس المعين من بين طلبته من يخلفه بعد وفاته، وأولاهم بذلك أحسنهم مخايل، وفي العادة يعمل الطالب المرشح معيداً عند أستاذه، وفي حالات عديدة يكون الخليفة ابن المدرس الذي درس على أبيه، أو قد يكون الخليفة أيضاً زميلاً للمدرس في أيام الطلب أحرز شهرة ومثل هذا يحدث إن كان تلامذة المدرس صغاراً لا يتسنى اختيار أحدهم. فإذا لم يصرح المدرس المعين باسم من يخلفه كان من المحتمل أن يتولى المنصب أكثر فقهاء المذهب (قدمية) باتفاق أهل المذهب وتكون هذه (القدمية) حسب السياق الذي قررناه فيقدم الطالب –الابن- إن كانت سنه تسعفه على التدريس، يليه أنجب التلامذة وأحسنهم مخايل يليه زميل أيام الطلب، أي الذي شارك المدرس المعني الاختلاف إلى أستاذ ما"(31).
ويبدو أن الأستاذ المعين كان يمضي بقية حياته في منصبه، "فإذا لم يتم ذلك كما كانت الحال في النظامية فهو مرده إلى تصارع قوى خارجة عن تلك القوى التي كانت تنظم مؤسسات العلم عامة في الأحوال العادية. وهاهنا نقطة التباين الدقيق بين النظامية وسائر المؤسسات العلمية ببغداد فإن تعيين المدرسين وخلفائهم في كرسي تلك المؤسسة كان يختلف –لخضوعه للعوامل السياسية- عن الإجراءات المتبعة في المؤسسات المعاصرة، ونكاد لا نستطيع أن نتحدث عن مدة بقاء المدرس في المنصب مثلما نتحدث عنه في المؤسسات الأخرى"(32).
ولقد تألفت المدرسة من أقسام علمية متخصصة لها أساتذتها وطلابها، فهذه المدرسة المستنصرية على سبيل المثال تألفت من أقسام أو معاهد علمية منها مدرسة الفقه، ودار القرآن، ودار الحديث، وأقسام العربية، والرياضيات، والعلوم الأخرى، ومعهد الطب الذي كانت تدرس فيه العلوم الطبية في بناء خاص به.
ولعل أهم هذه الأقسام في المستنصرية مدرسة الفقه لأن الغرض الرئيسي للمدرسة الإسلامية كان تدريس الفقه وفق واحد أو أكثر من المذاهب الفقهية السنية الأربعة، حيث ينقطع الطلاب للدرس ويتفرغ المعلمون للعمل، وترتب لهم الجرايات والأجور الثابتة.
أما المكتبة فقل أن تخلو منها مدرسة من المدارس الإسلامية التي انتشرت في العراق والشام ومصر وخراسان، التي زودت بالكتب التي تختلف كثرة أو قلة تبعاً لمكانة المدرسة وللأوقاف المرصودة لها.
ولا يخفى على أحد أهمية المكتبة في تحصيل العلم والمعرفة فهي "أداة تربوية حية، لخدمة النشء"(33)، "وأصبحت جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه في كل مدرسة"(34).
ولما كانت المكتبات من الأمور التي تساعد على الدروس والبحث لذلك أكثر مؤسسو المدارس من إيقاف الكتب عليها، وأعدوا لها البناء المناسب، وأقاموا العناصر البشرية المشرفة عليها من خزاين ومشرفين ونظار ومناولين. وكثرة الخزائن ودور الكتب مؤشر هام على تلك المكانة التي تمتع بها الكتاب في ذلك العصر، وعلى مدى عناية المسلمين بالعلم ورعاية العلماء والمتعلمين.
ولقد تنافس العلماء في إهداء كتبهم أو وقفها على مكتبات المدارس، فهذا عبد السلام أبو يوسف القزويني المعتزلي المفسر (ت 488هـ- 1095م) "يهدي نظام الملك أربعة أشياء لم يكن لأحد مثلها غريب الحديث لإبراهيم الحربي بخط أبي عمر بن حيويه في عشرة مجلدات فوقفه نظام الملك بدار الكتب ببغداد"(35).
ونقل إلى خزانة كتب المدرسة المستنصرية في يوم تكامل بنائها "من الربعات الشريفة والكتب النفيسة المحتوية على العلوم الدينية والأدبية ما حمله مائة وستون جملاً وجعلت في خزانة الكتب"(36).
أما الأقسام الداخلية في المدارس فقد أعدت المدارس لتكون مكاناً للدراسة ولمبيت الطلبة والمعلمين ومن يقوم بخدمتهم، بالإضافة إلى ما توفر لهم من طعام واغتسال وطبابة، ومخصصات تسمى المعاليم، وقد هدف كل هذا إلى تشجيع الطلبة على التفرغ للعبادة والبحث العلمي حتى لا تشغلهم مشاكل الحياة وأعباؤها الكثيرة، وقد انتشرت هذه الأقسام الداخلية في الكثير من مدارس مصر والشام والعراق وبحيث أصبحت مرفقاً من مرافقها الهامة.
وكنتيجة لانتشار هذه الأقسام الداخلية في المدارس وجدنا فقيهاً ومربياً مثل ا بن جماعة يضع آداباً وأخلاقيات لساكني المدارس يفصلها في كتابه (تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم)، فيحدد للمتعلم الصورة التي تقوم عليها علاقاته مع زملائه، وجيران المدرسة، وصيانة المبنى والمحافظة عليه وعلى تجهيزاته، "وينطلق المسلمون في كل هذا من اعتبار المباني المدرسية ملكاً عاماً لصالح الجماعة الإسلامية ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيها كما لو كانت من أملاكه الخاصة، ويتضح من تلك القواعد طابع المغالاة في المحافظة على مباني تلك المدارس مما يعكس بدوره رغبة المعاصرين في بقاء تلك المدارس أطول فترة ممكنة باعتبارها مرافق عامة تخدم المجتمع ككل"(37).
أما المعدات المدرسية فيبدو أن الطلبة كانوا يجلسون على الحصر، وعلى شكل حلقة، ويملي عليهم الأستاذ المعلومات، فينسخ الطلاب ذلك.
ولم تكن هناك قواعد عامة لقبول الطلاب بالمدارس ولذلك لم تحدد سن معينة ليلتحق الطلاب بالمدرسة، أو يحدد مستوى علمي معين، فالمدارس مفتوحة الأبواب للجميع، والطالب حر في اختيار نوع الدراسة والمدرس، شريطة أن تكون لديه القدرات والاستعدادات والميل والرغبة لما يتعلمه.
ويحاول الواقفون تحديد أعداد الطلبة في مدارسهم انطلاقاً من مدخول الوقف على المدرسة، وفي حدود الإمكانات المتاحة، ولذلك اختلفت هذه الأعداد من مدرسة إلى أخرى بحسب الوارد من الوقف كثرة أو قلة ليصرف عليها، وإذا جمعت المدرسة أكثر من مذهب فغالباً ما كان الواقف يزيد في عدد طلبة المذهب الذي يتبعه. وتتم هذه الزيادة وفقاً لميوله الشخصية، ولم تقتصر فقط على العدد بل تعدته إلى المعلوم الذي يتقاضاه الطالب.
ولقد اعتنى الكثير من المربين المسلمين بأخلاقيات الطلبة، وشغل هذا الموضوع في الكتب والمباحث الإسلامية حيزاً كبيراً، فوضعت الآداب التي على الطالب أن يلتزم بها مع نفسه، ومع شيخه، وفي مجلس درسه، ومع رفاقه من الطلاب، وشجع طلبة العلم على بذل الجهد والتضحية في تحصيل العلم، فتجشموا مشاق السفر، وتعرضوا لألوان من التعب الجسماني والنفساني خاصة لجهة الرحلات التي قاموا بها إلى العلماء المشاهير وإلى مراكز العلم الإسلامية في مختلف البلدان.
واشترطوا في المتعلم بشكل عام أن يكون صاحب سيرة شخصية ملائمة للعلم الذي يحمله، وتقوم علاقاته مع معلميه على أساس من المحبة والاحترام والثقة المتبادلة، فلا يرفع صوته في مجلسه، ولا يجلس بين يديه جلسة تنافي الآداب والأخلاق، وأن يتعامل مع رفاقه بالحسنى فلا يؤذيهم قولاً وفعلاً، وغير ذلك من الأخلاقيات التي طلب من المتعلم التحلي بها.
وكذلك استفاد طلبة العلم من تلك المبادئ السامية التي نادى بها الإسلام، من مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم للجميع، ومبدأ مجانية التعليم حيث فتحت أبواب المؤسسات التعليمية للغني والفقير على حد سواء، فمتى كان المتعلم أهلاً للتعلم وراغباً ومحباً للعلم والبحث والاطلاع تيسرت له وسائل التعلم وفتحت أبوابه أمامه، ولقي التشجيع من الجميع.
ولا ريب أننا من خلال دراستنا تراجم الكثير من العلماء في هذا العصر نرى أنهم خرجوا في الأساس من بيوت فقيرة، فكان هذا مؤشراً إلى أن فرصة الطالب الفقير لتلقي العلم كانت أدق وأوضح وأشمل، وقد خرج بين الأسر الفقيرة طلبة نابهون نابغون في العلم والمعرفة، استفادوا مما أمنته لهم المدارس من حق العلم للجميع، ومجانية التعليم، والمرتبات المنظمة، والسكن اللائق من خلال الأقسام الداخلية في المدارس، كل ذلك أتاح لطالب العلم فرصة تلقي العلم في أجواء مريحة نقية للتعلم من نفسية واجتماعية واقتصادية، وهو ما تدعو إليه التربية الحديثة.
ولقد بلغ عدد الذين كانوا "يغذون بالعلم في نظامية بغداد (6000) تلميذ فيهم ابن أعظم العظماء في المملكة وابن أفقر الصناع فيها، وكلهم يتعلمون بالمجان وللطالب الفقير فوق ذلك معلوم يتقاضاه مع الريع المخصص لذلك"(38).
ولذا فإن المدرسة النظامية ببغداد غدت ملتقى لطلاب العلم فقيرهم وغنيهم، وأصبحت منارة لخدمة العلم والعلماء، واشتهرت بمكانتها العلمية وبما تقدمه من خدمات لروادها والعاملين فيها "فقد خصص منشئها وظائف وجرايات لكل من أقام فيها من طلبة العلم، وقام بمؤونة أطعمتهم وملابسهم وفرشهم وسرجهم وغير ذلك من ضروريات المعاش"(39).
ولقد أولى المربون المسلمون "المكافآت والجوائز الأدبية والمادية اهتمامهم حيث كانت منتشرة جداً وتقدم للتلميذ المتفوق، وكثيراً ما كان مؤسسو المدارس يجعلون لها حصيلة خاصة في أوقافهم على المدارس"(40).
ويذكر المقريزي أن الخليفة الفاطمي الظاهر (427هـ- 1035م) "أمر الدعاة أن يحفظوا الناس كتاب دعائم الإسلام ومختصر الوزير، وجعل لمن حفظ ذلك مالاً"(41).
وكان الملك المعظم "قد جعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينار، ولمن يحفظ الإيضاح ثلاثين ديناراً سوى الخلع"(42).
أما مواعيد الدروس وأوقاتها فقد ارتبطت بمواعيد الصلاة فتكون قبل أو بعد الصلاة، كصلاة الفجر أو العصر، ومواعيد دروس الحديث نظمت في كل يوم سبت واثنين وخميس من كل أسبوع، ويلاحظ أنها مرتبة ترتيباً تربوياً جيداً بحيث يكون للطالب وقت للتحضير ولا يحصل له الملل من تعاقب الموضوع الواحد يوماً بعد يوم كما يكون لدى الطالب الوقت الكافي لدراسة أي موضوع آخر قد تحلو له دراسته.
أما المدة الزمنية للدرس "فما أعتقد أنه لم يحدد، وترك مجاله للأستاذ، وعلى الأستاذ أن يقدر الوقت الكافي للموضوع الواحد أو للدرس الواحد فقد يجلس للدرس ساعة أو ساعتين، فقد كان الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن المعروف بابن وريده البغدادي المحدث شيخاً بدار الحديث وكان يطيل الجلوس مع طلاب العلم ولا يضجر، كما أن الشيخ عبد الله بن محمد أبي بكر الزريراني ت 729هـ كان يورد دروساً مطولة فصيحة منقحة"(43).
أما الإجازات والعطل المدرسية فقد اختلفت من مدرسة إلى أخرى فكان بعضها في شهر شعبان وشهر رمضان وعشر شوال وعشر ذي الحجة والتشريق ويوم تاسوعا وعاشورا من كل سنة، وكانت هناك إجازات عارضة يسمح فيها للطلبة والمعلمين بالغياب عن المدرسة في حالات المطر الشديد والبرد القارص.
أما المنهج المدرسي فقد كان قائماً على "تلقي العلوم الدينية واللغوية وتشمل القرآن والحديث وعلومه ومصطلحاته، أصول الفقه الشافعي، علم الكلام الأشعري. الفرائض، اللغة العربية وعلومها"(44). وقد بدت هذه المقررات بوضوح في المدارس النظامية.
هذا ولم تخل مواد الدراسة في بعض المدارس "من العلوم العقلية كعلم الطب، وعلم العدد (الحساب)، والجبر والمقابلة، وعلم الهندسة، وعلم الهيئة، وعلم الميقات، وعلم الطبيعيات. وهناك علوم أخرى كان انتشارها على نطاق ضيق نبغ فيها  أشخاص معدودون ربما تلقوها على يد أفراد متخصصين من هذه العلوم: علم الموسيقى والفلسفة والجدل والمنطق وعلم التاريخ"(45).
ولقد تضمن المنهاج في المدرسة المستنصرية مقررات في العلوم النقلية والعقلية، يقول الأربلي (ت 692هـ/ 1292م) "كانت المستنصرية كعبة الأنام وقبة الإسلام مجمع سائر الدين ومذاهب المسلمين وعلم الأصول والفروع المتفرق فيها والمجموع وعلم القوافي وأحاديث الرسول ومعرفة الحلال والحرام وقسمة الفرائض والتركات وعلم الحساب والمساحات وعلم الطب ومنافع الحيوان وحفظ قوام الصحة وتقويم الأبدان"(46).
أما طرائق التدريس وأساليبه فقد تنوعت في المدرسة الإسلامية وحققت نتائج تربوية هامة "انعكست آثارها على جيل المسلمين الأول، وبدت آثارها في تفوق وتقدم المجتمع المسلم في عصور الحضارة الزاهرة، وكانت آثارها قوية في المجتمعات التي أخذت بها، وقد سلك المربي الرسول  طرائق عدة في تربية الإنسان المسلم، طرائق تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين وتحترم طاقاتهم ومواهبهم وتعمل على تنميتها"(47). وعلى هذا المنهج سار المربون المسلمون بعده عليه الصلاة والسلام.
وترجع طرائق التعليم في المدرسة الإسلامية إلى "أسلوبين أساسيين وهما التعليم والتعلم، فالشرح والإلقاء والإملاء والمحاضرة كلها وسائط تمكن المعلم من إعطاء معلوماته وإيصال أفكاره للتلميذ فهي طعام مهضوم يوضع في فم الطالب كأنه طفل. وأما الأسلوب الثاني- أسلوب المناظرة والمناقشة والمطارحة والسؤال والجواب والأخذ والرد- فهو واسطة تمكن الطالب من التعلم والتفكير والاستنتاج والنمو، ويظهر أن العرب استعملوا كلا الطريقتين في التعليم، فمنهم من استعمل الاثنين ومنهم من اكتفى بالأول"(48).
لم تعش المدرسة الإسلامية في جزيرة منعزلة لا تربطها بما حولها من بيئات مادية واجتماعية أي رابط وإنما اهتمت بما يجري في هذه البيئات فكان لعلمائها وطلابها دور كبير في الريادة الاجتماعية في البيئة، فقد استخدمت كمراكز يجلس فيها القضاة لإصدار الأحكام وحتى السكن فيها، يقول ابن بطوطة "كان للمالكية بدمشق ثلاث مراتب إحداها الصمصامية، وبها سكن قاضي القضاة المالكي وقصدوه للأحكام"(49).
وعندما انتقل الوزير ابن هبيرة "من الدار التي كان يسكنها بجنب الديوان إلى دار ابن صدقة الوزير، وحول قاضي القضاة ابن الدامغاني عن الدار التي سكنها بباب العامة فأسكنها الوزير ابنته فانتقل ابن الدامغاني إلى مدرسة التتشي"(50).
لم تقتصر المدارس على أن تكون مركز معرفة وعلم وقضاء وحكم، بل تحولت إلى قلاع حربية وحصون دفاعية، فالمدرسة الحسينية في القاهرة احتلت موقعاً مهماً "فهي متينة البناء، مشيدة الأركان عالية الجدران، وتواجه القلعة التي تشرف على مدينة القاهرة ويقيم بها السلطان. ولهذا كان قواد المماليك إذا حركتهم الفتن والثورات تحصنوا بها وقادوا فيها الهجوم والقتال(51).
واستخدمت المدارس كمراكز ومقار لتجمعات جماهيرية تصنع الأحداث، ولإقامة الموالد، وكمراكز للتعزية بوفاة العلماء، ولاستضافة واستراحة العلماء الغرباء وساهمت في الترقي الاجتماعي لبعض العلماء، ومن الأمثلة ما قاله ابن بطوطة أنه "في واسط مدرسة عظيمة حافلة بنحو ثلاثمائة خلوة ينزلها الغرباء القادمون لتعلم القرآن عمرها الشّيخ تقي الدين عبد المحسن الواسطي وهو من كبار أهلها وفقهائها، ويعطي لكل متعلم فيها كسوة في السنة ويجري له نفقته في كل يوم ويقعد هو وأخوانه ليتعلم القرآن بالمدرسة، وقد لقيته وأضافني وزودني تمراً ودراهم"(52).
وعندما توفي أبو إسحاق الشيرازي سنة 476هـ/ 1082م جلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظامية(53)، وكذلك كانت المدارس مجالاً للترقي الاجتماعي وزيادة الدخل المادي والأدبي للمعلمين العلماء، يقول الوخشي الحافظ أبو علي الحسن البلخي (ت471هـ/1078م) "سمعت ورحلت وقاسيت المشاق والذل (في رحلات طلب العلم) ورجعت إلى وخش(54)، وما عرف أحد قدري ولا فهم ما حصلت، فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري ولا يترحم أحد علي، فسهل الله ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة وأجلسني فيها حتى أحدث"(55).
وصفوة القول، هذه صورة للمدرسة الإسلامية التي تغلغلت فيها الروح الإسلامية، والتي استقبلت الغني والفقير من أبناء المسلمين، فأمنت لهم الأجواء النقية والبيئة الإسلامية التي كان يسودها الود والوئام بين العالم والمتعلم، حيث كان المتعلم حريصاً على تلقي العلم، والعالم حريص بدوره على تزويد طلبته بالعلم النافع وغرس مبادئ الفضيلة، والأخلاق الإسلامية الرفيعة في نفوسهم.
وساعدت هذه المدارس على تحقيق الوحدة الإسلامية، وتوثيق الروابط بين مختلف أقطار العالم الإسلامي، فنشرت الثقافة والعلم، وأمدت أجهزة الدولة بالعناصر المتعلمة المثقفة، إنها قد خرجت علماء من الأندلس والمغرب، ومصر والشام والعراق وفارس، ليرجع هؤلاء إلى بلادهم عناصر مؤهلة، علماء وأساتذة كبار يتولون التدريس في المساجد والمدارس، أو الوظائف في القضاء والإفتاء وغيرها، أضف إلى ذلك أن هؤلاء العلماء كانوا جيلاً من الدعاة العلماء المعلمين، الذين دافعوا عن الفكر الإسلامي، وصدوا القوى الباغية الضالة التي استهدفته واستهدفت الدين الإسلامي، وأثرى هؤلاء المعلمون العلماء المكتبة الإسلامية بعدد كبير من المؤلفات في علوم الشريعة واللغة والأدب والتاريخ والمنطق والجدل، وعاشت هذه المدارس لفترة طويلة منارة علم ومجمعاً لرواد الفكر.
ثم لابد من الإشارة إلى تلك الروح التي سادتها وسيطرت على فكرة إنشائها من حيث الاعتماد على العقل والتربية بديلاً من استخدام القوة والعنف في رد الخصوم وهجماتهم العارمة التي هددت المجتمع الإسلامي آنذاك.
وجدير بالذكر أن المدرسة النظامية في بغداد لم تكن أول مدرسة أنشئت في ديار الإسلام، فقد أنشئت قبلها في المشرق الإسلامي مدارس أخرى.
ثم لابد من التنويه بتلك الظاهرة الملفتة للنظر في المدرسة الإسلامية وهي عدم عزلتها وانفتاحها على مجتمعها ومشاركته في الكثير من أحداثه، وهو ما تدعو إليه التربية الحديثة اليوم.
*منازل العلماء:
لقد ساهمت منازل العلماء بنصيب كبير في الحركة التعليمية عند المسلمين، فعلى الرغم من توافر الأوعية الثقافية المتخصصة في التعليم والتثقيف، وامتياز التعليم فيها بالسهولة والمرونة، وعدم تقديمها بمكان معين سواء كانت مساجد أو مدارس أو كتاتيب أو دور علم أو مكتبات إلى غير ذلك، فقد عقدت الحلقات العلمية في بيوت العلماء وقصور الخلفاء يحضرها الطلاب والراغبون في العلم يصنفون ويكتبون عن الأساتذة والأطباء والفلاسفة والأدباء، ويستمتعون بالمناظرات والمناقشات الدينية والعلمية والطبية والأدبية، بحيث أتاحت للعديد من المفكرين أن يبثوا من خلالها أفكارهم وينقلوا عن طريقها آخر ما أنتجه الفكر الإسلامي، ويبرز فيها كل ما أبدعته الحضارات الأخرى، ويبدو أن المفكرين آنذاك لم يقنعوا بذلك، "ولم يقنعوا بأنهم أيضاً بشر لهم حاجاتهم الخاصة ولهم شؤونهم ومطالبهم التي يجب أن يلتفتوا إليها خارج قاعات العلم، وأن وقتهم كله فيما عدا ساعات النوم قد جعلوه للتعلم والتعليم ومن هنا فقد وجدناهم يتخذون من بيوتهم أيضاً أماكن يتجمع فيها حولهم مريدو العلم وطلاب المعرفة لينهلوا المزيد، فالعقل الإنساني نهم لا يشبع وخاصة من المعرفة، بل إنه يشعر بالجوع كلما زودناه بالزاد، وعلى قدر ما نزوده على قدر ما يشعر بهذا الجوع"(56).
ولما كان البيت مكاناً خاصاً يحس رواده بالوحشة والانقباض تطلب ذلك من صاحبه أن يتسم بالخلق الحسن من مقابلة لرواده بالبشاشة والترحيب والتسرية عنهم وإشعارهم أنهم يعيشون أسرة واحدة. وبمعنى آخر إيجاد البيئة العلمية المناسبة، حتى لا يضطر الطلبة والمشاركون في المباحث العلمية إلى الانقطاع عن الحضور، وكذلك فإن للبيت حرمته وجلاله مما يتطلب من رواده أيضاً الخلق الكريم والوقار والهدوء.
وكان للتعليم في المنازل بعض الفوائد حيث أتاح الفرصة أمام الطلبة لدراسة علوم قد لا تدرس في المدارس كالرياضيات والفلسفة والمنطق وغيرها، وكذلك استفاد منه بعض المدرسين وبخاصة إذا قاموا بتدريس بعض أبناء رجال السلطة مما يوصل المعلم بواسطتهم إلى بعض الوظائف التي يرغبون فيها.
وتميز هذا النوع من التعليم "بحرية أكثر عن الدراسة في المدارس نظراً لأن الطالب أو وليه يختار له العلوم التي تناسبه كذلك كان يختار المدرس أو المؤدب ذا الشهرة العلمية والخلقية كما أنها غير مقيدة بالإقامة في المدارس والتردد عليها في الأوقات المعينة للدراسة"(57).
ولم تكن الديانة عائقاً بالنسبة لمزاولة المعلم هذه المهنة الحرة فكان بعض الناس يحضرون معلمين نصارى لتعليم أبنائهم العلوم غير الدينية.
وقد زودت هذه المنازل باللحف المعدة لأهل العلم الذين يبيتون فيها كما كان الأمر في منزل محمد بن عمران المعروف بالمرزباني(58) (ت384هـ/994م).
ويبدو أن الوزراء والحكام كانوا يعطفون مادياً وأدبياً على أصحاب هذه المنازل فهذا الوزير ابن الفارض أبو عبد الله الحسن بن سعدان (ت 375هـ/985م) كان يكرم أبا سليمان السجستاني (ت 380هـ/990م) حيث يحدثنا أبو حيان التوحيدي (ت 400هـ/1009م) مخاطباً ابن سعدان حول مساعدته المادية لأبي سليمان بقولـه: "إنك أنعشت روحه، وكان خفت، وبصرته، وكان عشي، وأبنت جناحه، وكان قد خص بالرسم الذي وصل إليه"(59).
وقد يقدم بعض محبي العلم والعلماء المنازل "كما فعل بجرجان رجل يقال له أبو محمد الشيرازي وكان محباً لعلوم الفلسفة والمنطق فاشترى للشيخ الرئيس ابن سينا (ت 428هـ/1036م) "داراً في جواره وأنزله بها – ويقول أبو عبيد الجوزجاني: وأنا أختلف إليه كل يوم أقرأ (المجسطي) وأستملي المنطق وأملى عليّ المختصر الأوسط في المنطق)(60).


الحواشي:

(1)ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج1، ص369.
(2)ناجي معروف: علماء النظاميات ومدارس المشرق الإسلامي، ص45.
(3)ياقوت: معجم البلدان، ج1، ص418.
(4)أحمد فكري: مساجد القاهرة ومدارسها، ج2، ص151.
(5)راجع: ابن الجوزي، المنتظم، ج8، ص128، 245، وابن الأثير: الكامل، ج8، ص 105 – 205، والبغدادي: تاريخ دولة آل سلجوق، ص34.
(6)مصطفى جواد: أول مدرسة في العراق مدرسة الإمام أبي حنيفة، مقالة في مجلة المعلم الجديد، مجلد 6، ص42.
(7)محمد أسعد طلس: التربية والتعليم في الإسلام، ص125.
(8)ناجي معروف: نشأة المدارس المستقلة في الإسلام، ص19.
(9)ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج8، ص105.
(10)حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، ج1، ص22.
(11)سعيد إسماعيل علي: معاهد التربية الإسلامية، ص306.
(12)الغزالي: إحياء علوم الدين، ج1، ص11.
(13)ابن خلدون: المقدمة، ص545.
(14)خودا بخش: الحضارة الإسلامية، ص173.
(15)سعيد إسماعيل علي: معاهد التربية الإسلامية، ص356.
(16)سعيد إسماعيل: المرجع السابق، ص335.
(17)السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، ج3، ص89.
(18)أحمد فكري: مساجد القاهرة ومدارسها، ج2، ص121.
(19)حسين أمين: المدرسة المستنصرية، ص101.
(20)محمد عبد الرحيم غنيمة تاريخ الجامعات الإسلامية الكبرى، ص237.
(21)عبد الغني عبود: في التربية الإسلامية، ص 115- 117.
(22)حسين أمين: المدرسة المستنصرية، ص 97- 98.
(23)عبد الغني محمود عبد العاطي: التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك ص 197- 205.
(24)ابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، ص45.
(25)ناجي معروف: تاريخ علماء المستنصرية، ج1، ص56.
(26)المرجع نفسه: ص116.
(27)عماد عبد السلام رؤوف: مدارس بغداد في العصر العباسي، ص30.
(28)ابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتكلم، ص201.
(29) ابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتكلم، ص201.
(30)السبكي، معيد النعم ومبيد النقم، ص208.
(31)جورج مقدسي: مؤسسات التعليم الإسلامية ببغداد في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، ص303.
(32)المرجع نفسه.
(33)ر.ج.رالف: المكتبة ودورها في التربية، ص3.
(34)المرجع نفسه: ص7.
(35)السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، ج3، ص230.
(36)ابن الفوطي: الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة، ص59.
(37)عبد الغني محمود عبد العاطي: التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك، ص305.
(38)أحمد شلبي: التربية الإسلامية، ص 294- 295.
(39)الطرطوشي: سراج الملوك، ص238.
(40)أحمد شلبي: التربية الإسلامية، ص274.
(41)المقريزي: الخطط، ج1، ص355.
(42)النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس، ج1، ص584.
(43)حسين أمين: المدرسة المستنصرية، ص81.
(44)نبيلة ديب وهبة: المدارس النظامية، ص73.
(45)حسن عبد العال فن التعلم عند ابن جماعة، ص61.
(46)عبد الرحمن سنبط فنيتو الأربلي: خلاصة الذهب المسبوك، ص287.
(47)عبد الجواد سيد بكر: فلسفة التربية الإسلامية في الحديث، ص 303- 304.
(48)خليل طوطح: التربية عند العرب، ص87.
(49)ابن بطوطة: الرحلة، ص97.
(50)ابن الجوزي: المنتظم، ج10، ص199.
(51)محمود قمبر: دراسات تراثية في التربية الإسلامية، ص71.
(52)ابن بطوطة: الرحلة، ص183.
(53)ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج1، ص21.
(54)وخش: بالفتح ثم السكون، والشين معجمة، وهي كلمة أعجمية مأخوذة من العربية... وهي بلدة من نواحي بلخ من ختلان وهي كورة متصلة بختل حتى تجعلان كورة واحدة وهي على نهر جيجون، ينسب إليها أبو علي الحسن ابن علي بن محمد بن جعفر الوخشي الأديب الحافظ (ابن منظور، لسان العرب، مجلد 5، ص 364- 365).
(55)ابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم (في الحاشية للمحقق)، ص199.
(56)سعيد اسماعيل علي: معاهد التربية الإسلامية، ص513.
(57)عبد الغني محمود عبد العاطي: التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك، ص307.
(58)ابن الجوزي: المنتظم، ج7، ص177.
(59)أبو حيان التوحيدي: الإمتاع والمؤانسة، ج1، ص31.
(60)ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ص440.
E - mail: aru@net.sy
| الصفحة الرئيسية | | صفحة الدوريات | | صفحة الكتب | | جريدة الاسبوع الادبي | | اصدارات جديدة | | معلومات عن الاتحاد |
سورية - دمشق - أتوستراد المزة - مقابل حديقة الطلائع - هاتف: 6117240 - فاكس: 6117244 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق