السبت، 20 سبتمبر 2014

جسر الموصل القديم . منقول

http://www.almadasupplements.com/news.php?action=view&id=3298


ملاحق جريدة المدى اليومية » الأخبار » الملاحق » ذاكرة عراقية

جسر الموصل القديم


ان مدينة الموصل (مدينة الأوس والخزرج) مشيدة على ربوة في الجانب الايمن من نهر دجلة ولهذا فهي دائما في مأمن من مياه الفيضان، اما الضفة اليسرى فهي عبارة عن سهل منبسط يمتد حتى خرائب نينوى او ما يسمى (بتل قوينجق) ولهذا كان ذلك الجانب معرضا دائما لطغيان مياه الفيضان الذي اذا ما ارتفع في احدى السنين طغى على ذلك السهل وانقطعت بسببه المواصلات واصبحت المدينة في عزلة عما جاورها من القرى والمدن في تلك الناحية حتى شهر نيسان حيث يقل منسوب المياه ولكن الحكومة العثمانية فكرت مليا في ذلك الوضع الحرج للمدينة نظرا لما يلحقها من الاضرار وما يصيب مزروعاتها من التلف ومواصلاتها من التوقف ولاسيما بين سلطات الادارة في ذلك اللواء وبين سلطات القرى فقررت القيام بانشاء جسر سنة 1854 يتكون من قناطر حجرية يمتد الى نقطة عالية بعيدة عن متناول الفيضان في الضفة اليسرى.
وبعد مدة وضعت الحكومة تلك الفكرة موضع التنفيذ وقامت بتشييد تلك القناطر التي بلغ طولها كيلومترا واحدا وعرضها ثمانية امتار تقريبا اما ارتفاعها فكان يبلغ عشرة امتار. ويلاحظ انها شيدت بحيث تهبط بصورة تدريجية الى تلك المنطقة العالية. وقد تم تشييده منذ قرن تقريبا ونصب معه جسر خشبي من النوع العائم لوصل الضفتين نظرا لعدم وجود آلات فنية وقتئذ تساعد على حفر قاع النهر كما هو الحال في العصر الحاضر.
ان هذا المشروع وان كان قد قلل من بعض المصاعب التي كانت تقاسيها مدينة الموصل الا انه لم يف تماما بالغرض المطلوب وذلك ان الجسر العائم كثيرا ما كان ينقطع عند اشتداد الفيضان فكان الناس يضطرون الى العبور من طرف الجسر الحجري بواسطة القوارب. ولايخفى ما في هذه العملية من مخاطر وتاخير في نقل الاموال وبرغم تلك الصعوبات والعراقيل بقى الحال على هذا المنوال حتى زمن الاحتلال البريطاني حيث قامت السلطات العسكرية بتشييد جسر عائم محكم مربوط بعوامات ثقيلة واسلام فولاذية عائمة فوق العوامات الخشبية لمقاومة مياه الفيضان عند اشتداده وقد ظل هذا الجسر يقاوم لطمات الامواج وشدة جرين المياه بضع سنين بعد تأسيس الحكم الوطني في البلاد حتى طغى النهر ذات مرة طغيانا شديدا جرف معه الجسر الخشبي فعادت المواصلات سيرتها الاولى اي رجعت الى ما كانت عليه في الزمن العثماني.
وعندئذ فكرت الحكومة العراقية في ضرورة انشاء جسر حديدي ثابت يربط كلتا الضفتين فقررت القيام به على الفور وعهدت بتنفيذه الى مديرية الاشغال العامة فقامت المديرية بذلك وشرعت اولا بسير غور قعر النهر وبعد ان عينت الموقع والطريقة التي يجب ان ينشأ بموجبها وحجم الهيكل الحديدي الذي يجب تشييده باشرت بالعمل في اوائل سنة 1932 وانجزت تشييده في شهر حزيران 1934 حيث افتتحه المغفور له جلالة الملك غازي الاول. وقد قابل اهل الموصل اتمام هذا المشروع بانتهاج منقطع النظير حيث تجلت في الحفلة الفخمة التي اقيمت بمناسبة افتتاحه آيات السرور والابتهاج.
وعلى اثر ذلك رفع الجسر العائم القديم وبقيت القناطر الحجرية على حالتها اذ كانت تبعد عن الجسر نحوا من نصف كيلومتر حدر النهر. ولقد ارتأى المهندسون فيما بعد ان بقاءها في وسط النهر خلال موسم الفيضان مما يعيق جريان المياه الامر الذي قد يلحق الضرر بسلامة الجسر الحديدي فتقرر القيام بهدمها وقد هدمت فعلا.
واتماما للبحث نذكر انه حدث خلال سنة 1935 فيضان هائل لم يسبق ان شاهده اهالي الموصل منذ زمن بعيد ومع انه لم يطرأ على الجسر اي حادث الا ان المياه طغت على الضفة اليسرى بحيث حالت دون الوصول اليه من تلك الناحية فتعرقلت طرق المواصلات وقطعتها تماما واصبح مدخل الجسر في تلك الضفة محاطا بالمياه من جميع اطرافه غير ان تلك الحالة لم تدم غير بضعة ايام اعيدت بعدها المواصلات الى حالتها الاولى حالما انخفظت المياه قليلا ومن اجل ذلك قامت مديرية الاشغال العامة بانشاء قناطر حجرية على مجى نهر الخوصر الذي يبعد عن مدخل الجسر حوالي مائة وخمسين مترا ثم قامت بتعلية الطريق بين الجسر وبين تلك القناطر وبذلك زال كل خطر على قطع المواصلات مرة ثانية. ومما يلاحظ ان مديرية الري العامة قامت بانشاء سدة على ضفة نهر الخوصر اليسرى منعا لتدفق المياه.
هذه المامة وجيزة عن تطور حالة المواصلات بين ضفتي بلدة الموصل وترى من الفائدة ان نذكر فيما يلي اوصاف الجسر الفنية اتماما للبحث:
يتشكل الجسر من ثمانية هياكل حديدية طول كل منها (120) قدما ترتكز على سبع دعامات متشكلة من اسطوانتين حديدتين متقابلتين قطر كل منها تسعة اقدام وقد ركزت تحت قعر النهر بعمق (44) قدما تقريبا بواسطة عملية الهواء المضغوط وقد وضعت اسسها على طبقة قوية من الصلصال الازرق والصخور اما عرض سطح الجسر فبلغ (18) قدما وبذلك جعل معدا لمرور وسائط النقل ذهابا وايابا في آن واحد كما خصص ممر في كلا الجانبين عرض كل ممر خمسة اقدام لمرور الاشخاص.
ويبلغ النقل الذي يمكن ان يتحمله الجسر المذكور (25) طنا موزعة على (30) قدما من طول الجسر.
وقد بلغت كلفته (665515) دينارا، ومما يذكر بالخفر ان مديرية الاشغال العامة هي التي قامت بتشييده بطريقة الامانة باشراف المهندس المستر ماتيك ومساعده المهندس السيد فخر الدين الجميل وبعض المهندسين الاخرين من العراقيين.

نشرة (العراق الجديد) لسنة 1940

الصورة لافتتاح الجسر الحديدي زمن الملك غازي سنة1936 ،والذي كان يسمى انئذ جسر الملك غازي الاول.منقولة عن مدونة اﻻستاذ الدكتور ابراهيم العلاف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق