الجمعة، 30 نوفمبر 2012

عرض كتاب ( طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل ) لأبي زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي الموصلي(ت: 334 هـ/945م) استخراج : بسام إدريس الجلبي بقلم : د.محمد نزار الدباغ/مركز دراسات الموصل/جامعة الموصل



 عرض كتاب ( طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل )
لأبي زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي الموصلي(ت: 334 هـ/945م)
استخراج : بسام إدريس الجلبي
بقلم : د.محمد نزار الدباغ/مركز دراسات الموصل/جامعة الموصل
صدر عن مكتب الأرجوان للطباعة والإخراج الفني في الموصل (2012) كتاب (طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل) لأبي زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي الموصلي ، وهو من استخراج الباحث بسام إدريس الجلبي ويقع الكتاب في ثلاثمائة واحد عشر صفحة من القطع المتوسط وبغلاف ملون .
وعُرف عن أبي زكريا الازدي من خلال ما ذكرته المصادر أن له ثلاثة كتب كتاب (تاريخ الموصل) والمكون من ثلاثة أجزاء ، وصلنا منه الجزء الثاني وهو محقق ومطبوع ، أما الكتاب الثاني فهو (القبائل والخطط) وهو مفقود ، على أن الكتاب الثالث هو كتاب (طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل) ، وهذا الكتاب ضائع أيضا باستثناء بعض النصوص القصيرة التي وردت في مصنفات المؤرخين ابتداء من القرن (5هـ/11م) وانتهاء بمطلع القرن (10هـ/16م) وقد تصدى الباحث لهذه النصوص بالبحث والجمع والدراسة والتحليل على مدى قرابة الربع قرن وعمل على استخراج نصوص الكتاب الضائع من خلال مراجعته لكتب التاريخ والتراجم والطبقات وكتب الحديث النبوي الشريف عن النصوص الأصلية للازدي ليضعها بين أيدينا في هذا الكتاب .
والحقيقة أن ما قام به الباحث يعد محاولة جيدة لأنه قد اخرج لنا من شذرات متفرقة من النصوص المبثوثة في بطون الكتب ، كتاباً يعد بحكم الضائع في وقتنا الحاضر، سيما وان ما قام باستخراجه يعد مهماً لأننا إن لم نكن مجزمين فكتاب (الطبقات ...) هو ثالث كتاب من حيث الأهمية والقيمة التاريخية يؤرخ لمدينة الموصل محلياً ، بعد كتابي (تاريخ الموصل) للازدي،وكتاب(الباهر في تاريخ الدولة الاتابكية) لابن الأثير، فهو قد أضاف للمكتبة الموصلية كتاباً ومصدراً مهماً يؤرخ لفترة متقدمة من تاريخ الموصل تمتد من القرن (1هـ/7م) وانتهاء بالقرن(4هـ/10م) وإن كان التركيز من خلال عرض الروايات ووفاة المترجم لهم كانت بين القرنين الثاني والثالث الهجريين /القرنيين الثامن والتاسع الميلاديين.
توزعت أعداد المترجم لهم في كتاب (الطبقات ...) بحسب الفترة الزمنية الى (133) ترجمة ممن عاش في القرن (3هـ/9م) وهي النسبة الأعلى في الكتاب ، ويليها (60) ترجمة ممن عاش في القرن (2هـ/8 م) ، ولدينا تقارب عددي بين المترجم لهم ممن عاش بين القرن (1هـ/7م) والقرن (4هـ/10م) ، إذ بلغ عددهم (18) و (14)  ترجمة على الترتيب ، ومن خلال الأعداد المتقدمة للمترجم لهم قياساً بالقرون التي عاشوا فيها نجد أن تركيز الازدي كان منصباً على الترجمة للعلماء السابقين له بفترة زمنية ليست بالبعيدة والمقصود بها علماء القرن (3هـ/9م) والذين يشكلون الأغلبية من حيث العدد . 
ونجد من خلال أسماء المترجم لهم تنوعاً في الانتساب إلى الإقليم أو المدينة وهذا بالطبع يرتبط بالعامل الجغرافي من حيث أصل المترجم له أو ولادته في أي مكان كانت وقد وردت لدينا أمثلة كثيرة في أسماء المترجم لهم إذ جاءت النسبة إلى مدينة الموصل في الطليعة والنسبة إليها الموصلي بواقع 148 مرة وهي النسبة الأعلى وهذا لا يثير استغرابنا بالطبع لان أكثر من ترجم لهم من أهل الموصل وجاءت بعدها النسبة إلى الهمداني(من همدان) والهروي(من هراة) والكاري (نسبة إلى كار من قرى الموصل) وبواقع مرتين ، أما النسبة إلى المدن الأخرى والتي جاءت الإشارة إليها مرة واحدة فهي بغداد والمدائن والحيرة والكوفة وحلوان واذرمة ، ونجد النسبة إلى القرى كما هو في السغدي (من قرى نيسابور) وهناك النسبة إلى بعض أطراف بعض المدن كالكرخي نسبة إلى الكرخ (من بغداد) ، بينما هناك الانتساب إلى القبيلة وقد جاء بنسبة اقل فمن بين 32 قبيلة ذكرها الازدي في كتابه نجد أن النسبة إلى قبيلة الازد قد جاءت أكثر من أي قبيلة وبواقع 12 إشارة ونحن لا نزعم أن الازدي قد انحاز في الترجمة لأبناء جلدته لأننا لا نملك دليلا ملموساً على ذلك وبنسبة اقل نجد النسبة إلى التميمي (من قبيلة تميم) وجاءت الإشارة إليها 6 مرات تلاها النسبة إلى الطائي (من قبيلة طي) والبجلي (من بجيلة) وبواقع 4 إشارات ثم نجد النسبة إلى القرشي (من قريش) والنسبة إلى الاسدي (من قبيلة أسد) جاءت بواقع ثلاثة إشارات أما بقية القبائل والبطون فجاءت الإشارة إليها مرتين أو مرة واحدة .
 ثم نجد الانتساب إلى المهنة وقد جاءت بنسبة اقل من الانتساب إلى القبيلة وبإشارة واحدة بالنسبة إلى الزيات والعطار والخفاف والوراق والصفار، ثم الانتساب إلى القومية كالفارسي والرومي وجاءت بإشارة واحدة لكل منهما ، والنسبة إلى ديانة المترجم له وقد جاءت بإشارة واحدة نسبة إلى النصراني ، ومن الغريب أننا لا نجد في أسماء المترجم لهم ألقابا تدل على الجانب العلمي سيما وان اغلب المترجم لهم من المحدثين فقد جاءت الإشارة إلى هذا الجانب بإشارتين نسبة إلى الفقيه .
وقد صدّر الباحث مستخرجه بمقدمة طويلة سبقتها قائمة بالمختصرات الواردة في الكتاب وتضمنت المقدمة التعريف بالازدي وذكر أهم من ترجم له من المؤرخين القدامى والمحدثين ، ثم التعريف بحياته و شيوخه ورحلته العلمية واهتماماته على صعيد العلوم ومهنته واهم الدراسات التي كتبت عن الازدي من كتب ورسائل جامعية وبحوث علمية ، ثم تحدث الباحث عن مصنفاته مع التركيز على كتابه (الطبقات...) مبتدئاً بتعريف الطبقة لغة واصطلاحاً وذاكراً أهم ما صُنف من كتب الطبقات والتي حددت المدة الزمنية للطبقة إبتداءاً بكتاب (طبقات فحول الشعراء) لمحمد بن سلام الجمحي (ت: 231هـ/846م) وإنتهاءاً بكتاب (طبقات الحفاظ) لجلال الدين السيوطي(ت: 911هـ/1505م)، ثم عالج العلاقة بين طبقات خليفة بن خياط وطبقات الازدي ، وهو موضوع جدير بالدراسة ، وعرج على التسميات التي عُرِفَ بها كتاب (الطبقات...) للازدي ومتى بقي كتابه معروفاً لدى المؤرخين.
وقبل الشروع في شرح عمل الباحث من خلال مستخرجه هذا لابد لنا من توضيح معنى الاستخراج ، فاستخراج الكتاب الضائع هو إظهار ما تبقى منه في بطون الكتب المتخصصة ، ثم نجد أن الباحث كان دقيقاً في تفصيله لشرح مفردات عنوان الكتاب (أي كتاب طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل) ، ولم يجزم الباحث بأن ما قام باستخراجه من تراجم العلماء والمحدثين يمثل مجمل من ترجم لهم الازدي طالما أن الكتاب الأصلي مفقود .
أما طريقة عمل الباحث في الترجمة للعالم أو المحدث المعين ، ففي متن الكتاب ذكر الباحث اسم العلم ثلاثياً أو اقل ، وتحته ولادته ووفاته أو أي تاريخ يشير إلى عصره ، وتبدأ الترجمة لدى الباحث بذكر النصوص الازدية – في حال وجودها – مبتدءاً بتاريخ الموصل ، الجزء الثاني المحقق والمطبوع ثم تابع المصادر تعاقبياً مع توسع في ذكر الشيوخ والتلاميذ وذكر الأحاديث النبوية التي رووها وحفظها لنا مؤرخونا الأوائل .
أما المصادر والهوامش المرتبطة بمتن الكتاب ، فنجد أن الباحث فيما يتعلق بالمصادر فقد ذكر أسماء مصادر الترجمة وخص منها بالذكر كتاب (بغية الطلب...) لابن العديم (ت:622ه/1225م) وكتاب (تاريخ الإسلام...) للذهبي(ت:748ه/1347م) فضلاً عن كتاب الباحث (موسوعة أعلام الموصل) ، وفي الهوامش بدأ الباحث بإحالة النصوص الازدية إلى مصادرها وإحالة مفردات الترجمة إلى مواقعها ، مع التعليق على بعض منها – مفردات الترجمة- مثل ذكر موقع علم جغرافي أو ذكر الاختلافات الواردة حول هذه المفردة بين المؤرخين والمترجمين.
وربما أن ما لم نجده في هذا الكتاب هو خلوه من فهرست بعنوانات المواضيع الواردة في هذا المستخرج سيما وان مقدمة الكتاب الطويلة نسبياً والبالغ عدد صفحاتها (43) صفحة كانت تتطلب وجود فهرست يوضح محتوياتها لوجود فقرات وتفاصيل كثيرة ومهمة في ذات الوقت تتطلب تصدير فهرست بعنواناتها سواء أكانت عنوانات رئيسة أم فرعية فضلاً عن مادة الكتاب الرئيسة بما تحويه من أسماء الأعلام (العلماء والمحدثين) المترجم لهم من أهل الموصل .
ورغم أن الباحث أقر في بداية مستخرجه بأنه لم يفرد قائمة بأسماء المصادر والمراجع –في آخر كتابه- كما جرت العادة ، والتي استعان بها في التعريف والتوضيح والإحالة للمترجم لهم وإنما أوردها في آخر كل ترجمة ربما كان خشية من الوقوع في التكرار لأسماء المصادر أسفل كل ترجمة وبين ذكرهم في آخر الكتاب وهو ما دفعه في الاكتفاء بذكرهم أسفل كل ترجمة دون آخر الكتاب وربما أن التكرار لأسماء المصادر كان سيزيد أيضاً من حجم الكتاب كِبراً، وكان الباحث قد خطط أن يشفع هذا المستخرج بتراجم موجزة لأهم الرجال الواردين في الكتاب ، فضلاً عن ذكر تراجم موجزة للاماكن الواردة أسماؤها في أثناء الكتاب – ولم يورد كليها- لان هذا الكلام كان حسب زعم الباحث – قبل عصر الانترنيت- عند شروعه بالعمل في هذا الكتاب ، لذا فقد أحال القارئ إلى أن يرجع للانترنيت حيثما أشكل عليه اسم علم بشري أو موقع جغرافي لمدينة أو إقليم .
وبسام الجلبي من مواليد مدينة الموصل سنة 1941 وهو باحث وكاتب صحفي ومؤرخ وقاص له كتاب (موسوعة أعلام الموصل) في جزأين عام 2004 والذي قامت كلية الحدباء الجامعة في الموصل بطباعته ، فضلاً عن استخراج كتاب (طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل) لأبي زكريا الازدي الموصلي الصادر في سنة 2012 وهو الكتاب المقدم في هذا العرض ، زيادة على (قصص لا تستحق القراءة) وهي مجموعة قصصية صدرت سنة 2012 .
وله كتب لا تزال مخطوطة وهي (خزائن كتب الموصل عبر العصور) ، و(أسرة آل منعة الموصلية : محاولة دراسة حياتية وعلمية) و (الموصل في رحلات ومذكرات العرب والأجانب) و(المستدرك على أعلام الموصل)، وذكر المرحوم الأستاذ الدكتور عمر الطالب " أن له – بسام الجلبي-(معجم أدباء الموصل) والذي لا يزال مخطوطا" والحقيقة انه لا يوجد كتاب بهذا الاسم للأستاذ الجلبي و لا نعلم بالتحديد مصدر المعلومة التي استند عليها الدكتور عمر الطالب في  موسوعته بذكر وجود مخطوط لبسام الجلبي ترجم فيه لأدباء الموصل ، ورغم عدم وجود كتاب للأستاذ بسام الجلبي بهذا العنوان إلا انه ترجم للعديد من أدباء الموصل في كتابه (موسوعة أعلام الموصل).وللأستاذ بسام الجلبي مؤلفات أخرى تحت الطبع وهي (حوليات الموصل من الفتح العربي الإسلامي حتى نهاية القرن التاسع عشر) و (مجموعة مقالاته التي نشرها بين عامي 1993-2003(.
* تنويه (تقتضيه الأمانة العلمية) : فيما يتعلق بالسيرة الذاتية للأستاذ بسام الجلبي تم الاستعانة بالمقالات والمواد التالية :
1.أ.د.عمر محمد الطالب ، موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين ، (الموصل،مركز دراسات الموصل/جامعة الموصل،2008)، مادة بسام الجلبي، على موقع الدكتور عمر الطالب :
2.أ.د.إبراهيم خليل العلاف ، بسام إدريس ألجلبي وموسوعة أعلام الموصل، مقال منشور في مدونة الدكتور إبراهيم العلاف على الرابط :
3.سؤال كاتب المقال للباحث بسام الجلبي حول حقيقة وجود كتاب مخطوط له بعنوان (معجم أدباء الموصل) من مكالمة هاتفية في الساعة 6:49 من مساء الخميس الموافق 6/12/2012.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق