د.سعيد شواهنة: رحلات اللغويين المشارقة
يتمحور هذا البحث حول الرحلات اللغوية لدى اللغويين المشارقة في اتجاهين: رحلة إلى البوادي بهدف جمع اللغة من أفواه العرب الأقحاح، وأخرى معاكسة إلى الحواضر، هدفها عرض ما جمع من البوادي ومقارنته بلغة أهل المدر. وشملت الرحالة اللغويين المشهورين، أصحاب الباع الطويل في جمع اللغة العربية، أمثال الأصمعي وخلف الأحمر وغيرهما، ولم تكن رحلاتهم استكشافية مكانية بل بغرض جمع اللغة. وارتبطت رحلتهم بتحديد فترة زمانية، ليتمكنوا من حصر اللغة، وما أصول النحو وبناء المعجم إلا نتيجة لتلك الرحلات اللغوية، التي اعتمدت على السماع من القبائل أو الرواة، الذين لم يتلوث لسانهم باللحن على حد تعبيرهم. وحددوا القبائل المعتد بفصاحتها، وقد توفر هذا الصفاء اللغوي لدي مجموعة من القبائل وهي: قيس وأسد وتميم وهذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، وبالجملة لم يؤخذ عن حضري قطّ، لاختلاطه بالأعاجم، ولا عن أهل البراري البعيدة المجاورة للعجم كلخم وجذام وغيرهما، ومن النحاة البصريين الرواة الذين نزحوا للبادية عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ويونس بن حبيب، ومثلهم فعل نحاة الكوفة، أمثال الكسائي والفراء وأبي عمرو الشيباني وغيرهم. وقد وضع اللغويون شروطاً للراوي، منها: أن ينتمي من تنقل عنه اللغة إلى القبائل الست، وتكون الرواية بلغتها، وأن يتقيد بزمن الاحتجاج، وأن يكون عدلاً. ويبدو الحرص واضحا من القيود السابقة على اللغة العربية لغة القرآن الكريم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق