العيد في الموصل ايام زمان
عامر حساني
هذه بعض الذكريات مما عَن على البال ومما سمعته من والدي رحمه الله ( 1928 - 2009 ) أحببتُ توثيقه بمناسبة حلول العيد وإن شاء الله تعجبكم .
1- كانت العوائل عندما تصنع الكليجة تعجن كمية كبيرة من العجين حتى من ينظر اليه وهو مغطى لاجل ان يختمر يحسبه انسانا نائما لضخامة كمية العجين . وبالمناسبة فإن كلمة ( كليجة ) هي من اللغة الفارسية وتعني القرص الصغير .
2- من عوائد اهل الموصل ايام زمان أن كل حلاق كان يُبقي محله مفتوحا حتى فجر يوم العيد وواجب عليه أن يطعم زبائنه أكلة الدولمة .
3- كل عوائل الموصل كانت تحرص ايام زمان ان يكون فطورها القيمغ ( القيمر ) اول يوم من العيد ولم يكن يحيد احد من الناس عن هذه العادة فكانت العوائل تحجز لدى البائع قبل حلول العيد بعدة ايام . وتغيرت هذه العادة في السنوات الأخيرة بعد إرتفاع اثمان ( القيمر ) بصورة كبيرة ودخول انواع كثيرة من الالبان ومشتقاتها من مناشيء اجنبية .
4- كان مقر احتفال اهل الموصل بالعيد ( قبل خمسينات القرن الماضي ) في منطقة ( تلة ريمة - تل كريمة ) وهو تل متوسط الحجم ويقع في المكان الذي عليه اليوم مستوصف باب جديد .
فبعد أن يُصلي الناس صلاة العيد ويفطروا يتجمعون عند تلة ريمة وخاصة الشباب والشابات من المحلات القربية ( باب جديد ، باب لكش ، باب البيض ، جوبة العكيدات )
وقد لبسوا ثيابهم الجديدة . فتقام حلقات الدبكة التي يُشارك بها أغلب الشباب وتجلس الفتيات على حافة التلة للفرجة .
وكان يتوسط حلقات الدبكة المرحوم ( سلو ) ذو الصوت المبحوح الذي كان يضع على رأسه ( شربة ماء ) ويرقص محتفلا وسط الجمع وكلما رأى شاباً متحمسا في الدبكة وقف أمامه قائلا :
شوباش من فلان بن فلان من محلة كذا . فلا يتركه حتى يأخذ منه دينارا ورقيا يُلصقه على جبينه ويستمر بالرقص . بعد ذلك يستعيد الشاب ديناره من سلو بعد أن يدفع درهما لسلو بدلا منه .
وكان يرأس أكثر الدبكات المرحوم عمر أبو طلال وهو من أقرباء المرحوم اسماعيل الحجار . وضارب الطبل المرحوم خضر الاعمي وأولاده وشخص يدعى فاضل .
ومما كان يُغنى في الدبكات :
لبْسَنْ جديد الموده وحَدْرَن عَلْ العيد
راحن إلْتلّـة ريمـــه إبّاب الجديد
لــو ينطوني عشيري جَنّه مـــا ريد
أكضــــي العمر متوَنّس واظل فرحان
هذا الاحتفال في باب جديد في الفترة الصباحية يرجع الناس الى الغداء وبعد الظهر ينتقلوا مشيا او بالعربات الى قرية النبي يونس ليكملوا احتفالهم هناك في فترة العصر حيث كان يرأس الدبكة هناك شخص يُدعى جودة
وهكذا تستمر الاحتفالات طول ايام العيد وعند انتهاء العيد لاتظهر ارض تلة ريمة لكثرة قشور الـﭼرزات التي رميت طول ايام العيد حتى تبدو الارض كأنها حصيرة منسوجة ( عزا والدي ظاهرة كثرة القشور لكون الناس – رغبانين - في ذلك الوقت ) .
5- لقلة المال في ذلك الزمان كان الاطفال يقايضون اصحاب الالعاب بـ ( الكليجة ) يعني الطفل يعطي حفنة كليجة مقابل ركوبه بالديديّي أو الناعوغ او فتال الهوا . اخبرتني والدتي حفظها الله أن كثير من الاطفال عند نفاذ ( العيدانيّي ) كان يعمد بعضهم الى أخذ ( ﮕمشي ) من الكليجة من بيوتهم دون علم والديه وهو فرح بها وبالعيد .
6- أشهر أكلة مميزة كان يعشقها الاطفال في العيد ايام زمان هي العنبة والصمون وظلت الى أواخر السبعينات حتى انقرضت مع الاسف وكانت ( غيحتا تعط ) و ( تعدم الحواس ) . كما كانت تباع قغم تشبه السلق تكبس بالبراني وطعمها طيب بالاضافة الى البيض المسلوق .
7- ومما عرفته الموصل في اعيادها قديما عادة تلوين البيض بالوان زاهية وجميلة والتي انقرضت في العقود الاخيرة ولم تبق الا في بعض القرى المحيطة بمدينة الموصل وخاصة المسيحية . وقد وصلنا مثل شعبي موصلي نادر حفظته عن والدي ولم اسمعه من غيره يُشير الى عادة تلوين البيض يقولون : ( مثل اسما ... تشتغي البيض اثنين بابيض تلونو وتصبغو وتبيعو اثنين بابيض ) . وهو يُضرب في المغفل .
8- ذكر المرحوم احمد الصوفي في كتابه ( خطط الموصل ) ج2 أن في آخر أيام عيد الاضحى كان يخرج سكان الموصل بمختلف مللهم الى تل توبة وبئر البنات ( مكانه في منطفة الفيصلية اليوم بجانب دائرة الجوازات ) في نينوى ويقضون يوما كاملا ومعهم غداؤهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق