((وعن عبد الرحمن بن غنم الأشعريّ: أنه قدم من الشأم إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال: كنت تحدّثني أن مصر أسرع الأرض خرابا ثم أراك قد اتخذت منها، وبنيت فيها القصور، واطمأننت فيها، قال: إن مصر قد أوفت خرابها حطّمها البخت نصر، فلم يدع فيها إلا السباع، والضباع، فهي اليوم أطيب الأرضين ترابا، وأبعدها خرابا، ولا يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرض بركة، ويقال: مصر متوسطة الدنيا، قد سلمت من حرّ الإقليم الأوّل والثاني، ومن برد الإقليم السادس والسابع، ووقعت في الإقليم الثالث، فطاب هواها، وضعف حرّها، وخف بردها، وسلم أهلها من مشاتي الأهواز، ومصايف عمان، وصواعق تهامة، ودماميل الجزيرة، وجرب اليمن، وطواعين الشأم، وبرسام العراق، وعقارب عسكر مكرم، وطحال البحرين، وحمى خيبر، وأمنوا من غارات الترك، وجيوش الروم، وهجوم العرب، ومكايد الدّيلم، وسرايا القرامطة، ونزف الأنهار، وقحط الأمطار، وبها ثمانون كورة ما فيها كورة إلا وبها طرائف، وعجاب من أنواع البرّ، والأبنية، والطعام، والشراب، والفاكهة، وسائر ما تنتفع به الناس، وتدخره الملوك يعرف بكل كورة، وجهاتها وينسب كل لون إلى كورة، فصعيدها أرض حجازية حرّة حرّ العراق، وينبت النخل، والأراك، والقرظ، والدوم، والعشر، وأسفل أرضها شامي يمطر مطر الشأم، وينبت ثمار الشأم من الكروم، والزيتون، واللوز، والتين، والجوز، وسائر الفواكه، والبقول، والرياحين، ويقع به الثلج، والبرد)).
الكتاب: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
المؤلف: أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ)
الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت
الطبعة: الأولى، 1418 هـ
ج1،ص49
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق